للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كالحُمْر والبغال المُتَّفَقِ على عدم الوجوب فيهما، واختاره الطحاوي. وفي «الينابيع»: وعليه الفتوى، وكذا قاله قاضيخان، وصاحب الأَسرار»، لكن رَجَّحَ شَمْسُ الأَئمة، وصاحب «التحفة» قولَ أَبي حنيفة، إِلاَّ أَنَّ قولهما عليه عامة العلماء، وهو قول مالك والشافعي، لما في الكُتُب الستة عن أَبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة». زاد مُسْلم: «إِلاَّ صَدَقَةَ الفِطْر». وأُجِيب عنه بأَن المراد به فَرَسُ الغازي.

وفي «سُنن أَبي داود والترمذي»، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قد عَفَوْتُ لكم عن صدقة الخيل، والرقيق، فهاتوا صدقة الرِّقةَ» (١) . قال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: هو عندي صحيح.

وأَخرج البيهقي، عن بَقِيَّةَ: حدّثني أَبو معاذ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سعيد بن المُسَيّب، عن أَبي هريرة قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم «عَفَوْتُ لكم عن صدقة الجَبْهة، والكُسْعَة، والنَّخَة». والجَبْهة: الخيل. والنّخة: ـ بالفتح والضم ـ الرقيق. والكُسْعَة: الحمير. وأَخرجه أَبو داود، عن كَثِير بن زياد، عن الحسن عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وهو حجة عندنا، وعند الجمهور.

ولأَبي حنيفة ما في «الصحيحين»، عن أَبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «الخيل لِثَلاثة: لِرَجُل أَجْرٌ، ولِرَجُلٍ سِتْرٌ، وعلى رجل وِزْرٌ، فأَمَّا الذي له أَجر فَرَجُلٌ ربطها في سبيل الله، وهي لذلك الرجل أَجر، ورجل ربطها تَغَنِّياً وتَعَفُّفاً ولم يَنْس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر، ورجل ربطها فَخْراً وَنِوَاءً ـ أَي معاداة ـ فهي على ذلك وزر. فَسُئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الحمير، فقال: ما أُنزل علَيَّ فيها إِلاَّ هذه الآيةُ الفَاذَّة ـ أَي المفردة الجامعة ـ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خيراً يَرَه ومَنْ يَعْمَل مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَهْ} (٢) ». انتهى. وحق الله في رقابها الزكاة. وأَمَّا قول صاحب «الهداية»: ولا شيء في البِغال والحمير لقوله صلى الله عليه وسلم «لم ينزل عليَّ فيهما شيءٌ» (٣) ، فَوَهْمٌ، لأَنَّ هذا اللفظ وَرَدَ في الحمير خاصَّةً.


(١) الرِّقَة: أي الفضة والدراهم المضروبة - أي المصاغة - منها. وأصل اللفظة الوَرِق، وهي الدراهم المضروبة خاصَّةٌ. النهاية: ٢/ ٢٥٤.
(٢) سورة الزلزلة، الآيتان: (٧، ٨).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٦/ ٦٣٣، كتاب المناقب (٦١)، باب (٢٨)، رقم (٣٦٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>