للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معمولًا أَو تِبْرًا

===

قال: إِلاَّ أَنّي أَقول: ينبغي أَنْ يقيد بما إِذا كانت دراهمهم لا تَنْقُصُ عن أَقل ما كان وزناً في زمنه صلى الله عليه وسلم وهي ما تكون العشرة وزن خمسة، لأَنها أَقل ما قُدِّر النصاب بِمِئتَين منها. ثم قال: فإن لم يكن لهم إِلاّ دراهم كبيرة كوزن سبعة، فالاحتياط على هذا أَنْ تُزَكَّى، وإِنْ كانت أقل من مئتين إِذا بلغ ذلك لأَقل قَدْر النصاب، وهو وزن خمس.

(معمولاً أَوْ تِبْراً) (١) سواء كان المعمولُ سِكَّة (٢) أو حُلِيَّاً أَوْ آنية. وقال مالك: الحُلِيُّ المباحُ الاستعمالِ للنساء والرجال لا زكاة فيه. وهو أَظهر القولين عن الشافعي، والرواية التي اختارها أَصحاب أحمد عنه. ورواه مالك في «الموطأْ» عن عائشة وابن عمر، ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ عن أَسماء وأَنس. ولِمَا رُوِيَ عن جابر، أَنَّه صلى الله عليه وسلم قال: «ليس في الحُلِيِّ زكاة» (٣) . ولقول ابن عمر: «لا زكاة في الحُلِيّ». رواه عبد الرَّزَّاق. وقول أَنس: «ليس في الحُلِيِّ زكاة». رواه الدارقطني.

قلنا: قال البيهقي في «المعرفة»: وما يُرْوى عن عافية بن أَيوب، عن الليث، عن أَبي الزبير، عن جابر مرفوعاً: «ليس في الحُلِيِّ زكاةٌ»، فباطل لا أَصل له، إِنَّما يُرْوى عن جابر من قوله، وعَافِية بن أَيوب مجهول، فمن احتج به مرفوعاً كان داخلاً فيما يعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذَّابين.

ولنا عموم قوله تعالى: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَهَا في سَبِيلِ اللَّهِ} (٤) الآية. وعموم قوله صلى الله عليه وسلم «في الرِّقَةِ رُبُعُ العُشْرِ». رواه البُخَارِي. وهو (٥) بكسر الراء وتخفيف القاف. والوَرِق: الفضة المَضْرُوبة (٦) ، حُذِفَتْ الواو منه وعوض عنه الهاء كالعِدَة في الوَعْد. وما رواه أَبو داود والنسائي من حديث عَمْرو بنِ شُعَيْب، عن أَبيه، عن جده: «أَنَّ امرأَة أَتَت النبيّ صلى الله عليه وسلم ومعها ابنَةٌ لها، وفي يدِ ابنتها مَسَكَتَان غليظتان من ذهب، فقال لها: أَتُعْطِين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللهُ تعالى بهما يوم القيامة سِوارين من نار؟ قال: فخلعتهما فأَلقتهما إِلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله». قال ابن القطان: إِسناده صحيح. وقال ابن المنذر في «مُخْتَصَرِه»: إِسناده لا


(١) التِّبر: سبائك الذهب أَو الفضة قبل ضربها - أي تصاغ - نقودًا. معجم لغة الفقهاء، ص: ١٢٠.
(٢) السِّكَّة: القالب الذي تُصب فيه النقود. معجم لغة الفقهاء ص ٢٤٦، والمقصود هنا: النقود المضروبة.
(٣) سنن الدارقطني ٢/ ١٠٧، كتاب الزكاة، باب زكاة الحُلِي، رقم (٤).
(٤) سورة التوبة، الآية: (٣٤).
(٥) أي الرِّقَة.
(٦) المضروبة: أي المُصاغة، ضرب الشئ إذا صاغه. معجم لغة الفقهاء، ص: ٢٨٣، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>