للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأُذُنَينِ بِمَائِهِ، والنِّيَّةُ،

===

حمْلُهُ على تحقيق الاستيعاب، أوحملُ تعدَّدَ المياه على قلَّةِ البِلَّة أو نَفادِها، لا لتكون سُنَّةً مستمرة. وقال البيهقي (١) : وقد رُوِيَ من أوجُهٍ (غريبةٍ) (٢) عن عثمان تكرارُ المسح، إلا أنه مع خلافِ الحُفّاظ ليس بحُجَّة عند أهل العلم.

(والأذنينِ) أي ومَسْحُهما (بِمَائِهِ) أي بماء مسحِ الرأس.

وقال مالك والشافعي وأحمد: بماءٍ جديد، لِمَا روى الحاكمُ من حديثِ حَبَّان ابن واسع، أنَّ أباه حدَّثه، أنه سمع عبدَ الله بن زيد يذكر: أنه رأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ فأخَذَ لأُذنيه ماءً خلافَ الماءِ الذي أخَذَ لرأسه.

ولنا صريحاً: ما رواه ابنُ حِبَّان، وابنُ خُزيمة، والحاكم عن ابن عباس أنه قال: ألا أخبركم بوُضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: ثم غَرَف غَرفةً: فمسَحَ بها رأسَه وأذُنيه. ودلالةً: ما رواه ابنُ ماجه بإِسنادٍ صحيح عن عبد الله بن زيد، والدارقطنيُّ بإسنادٍ صحيح عن ابنِ عباس: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأذنانِ مِنْ الرأس»، أي حُكمُهما، فإنه عليه الصلاة والسلام ما بُعثَ لبيان الخِلْقة، فيُحمَل ما تقدَّم على نَفادِ البِلَّة توفيقاً بين الأدلَّة. وروى ابن ماجه بإسنادٍ صحيح عن ابن عباس: أنه عليه الصلاة والسلام مسَحَ أذنيه فأدخلهما السبَّابتين وخالفَ إبهاميه إلى ظاهر أذنيه، فمسَحَ ظاهرَهما وباطنَهما. وقد صرَّح الشيخ في «الإِلمام» عن أبي أُمامة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الأُذنانِ من الرأس وكان يمْسَحُ المأْقَيْنِ» (٣) وقال أخرجه ابنُ ماجه، وهو حديثٌ حسن.

(والنيَّةُ) وهي: أن يُقصَدَ بالقلب الوضوءُ، أو رفعُ الحدَث، أو عبادةٌ لا تصحُّ إلا بالطهارة.

وقال مالك والشافعي وأحمد: النيَّةُ فَرْضٌ في الوضوء، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات».

ولنا أنه عليه الصلاة والسلام لم يُعلِّم الرجلَ الذي سأله عن الوضوء النيَّةَ، ولأنَّ الوضوء شرطٌ للصلاة فلا يَفتقر إلى النيَّة كسائر شروطها، فالمرادُ بالأعمالِ العباداتُ،


(١) عبارة البيهقي في السنن ١/ ٦٢: "وقد روي من أوجه غريبة عن عثمان رضي الله عنه ذكر التكرار في مسح الرأس، إلا أنها صح خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها". انتهى. ولعل المؤلف نقلها بالمعنى كما هي عادته.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من السنن الكبرى"للبيهقي" ١/ ٦٢.
(٣) مأق العين: طرفها مما يلي الأنف، وهو مجرى الدمع من العين. القاموس المحيط ص ١١٩١، مادة (مأق).

<<  <  ج: ص:  >  >>