للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُضَمُّ الذَّهَبُ إِلى الفِضَّةِ

===

بسبب منه لا يُضم، لأَنَّ المُستفاد أَصْلٌ في حق المِلْك، فيكون أَصلاً في حقِّ الواجب فيه.

ولنا أَنْ المجانسة هي العلة في ضَمِّ المُستفاد بسبب النصاب، كالأَولاد والأَرباح الحاصلة عنه في أَثناء الحول، وهي موجودة في المستفاد الذي ليس بسبب النصاب.

وشَرط مالك والشافعي للمُستفادِ فيه مُضِيَّ حَوْلٍ تامَ لقوله صلى الله عليه وسلم «لا زكاةَ في مالٍ حتى يحولَ عليه الحَوْلُ»، وقوله صلى الله عليه وسلم «مَنِ استَفَادَ مالاً، فلا زكاةَ فيه حتى يحولَ عليه الحولُ». رواهما الترمذي. قالا: وذلك بخلافِ الأَولادِ والأَرباحِ، لأَنها متولِّدةٌ من الأَصلِ نَفْسِهِ، فينسحب حكمه عليها، وما نحن فيه ليس كذلك. وللشافعي في «الخلافيات» (١) : أَنْ ثمن السائمةِ قائم مقَامَ عينٍ هي محل الزكاة، حتى لو هلكت سقطت زكاتها، وقد زكَّاها في هذا الحول، فلو ضم الثمن لزم الثِّنَى، وهو منفيٌّ لقوله صلى الله عليه وسلم «لا ثِنَى (٢) في الصَّدَقَةِ» (٣) .

ولنا في المستفاد من الجنس قوله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ في السَّنَةِ شَهْراً تُؤَدُّونَ فيه زكاةَ أَمْوَالِكُمْ، فما حَدَثَ بعْد ذلكَ فلا زكاة فيه حتى يجيءَ رَأْسُ الشَّهْر». رواه الترمذي. فهذا يقتضي أَنه يجب الزكاة في الحادث عند مجيءِ رأْسِ السنة. وما رواه ليس بثابتٍ، ولئن ثبت فليس فيه ما يُنَافي مذهبنا، لأَنَّا نقول: لا يجب الزكاة في مال حتى يحول عليه الحول إِمَّا أَصالةً أَوْ تَبَعاً، كما في الأَولاد والأَرباح.

(ويُضَمُّ الذَّهَبُ إِلى الفِضَّةِ) وبالعكس، لاتحادهما في الثمنية. وبه قال مالك، خلافاً للشافعي، لأَنهما جنسان مختلفان حقيقةً وحُكْماً، أَمَّا حقيقةً فظاهرٌ، وأَمَّا حُكْماً فلجواز بَيْع أَحدهما بالآخر مُتفاضلاً، فلا يُضَمّ كالسوائمِ المختلفةِ الجنس. ولنا ما رُوِي عن بُكَيْرِ بن عبد الله بن الأَشَجِّ: «مَضَتِ السُّنَّةُ من أَصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في ضَمِّ الذهب إِلى الفضَّة، والفضَّةِ إِلى الذهب في إِخراج الزكاة»، ذكره في «الأَسرار» و «المبسوط».


(١) حُرِّفت في المطبوع والمخطوط إلى: "الخلافية"، والصواب ما أثبتناه. "والخلافيات" هو كتاب للإمام البيهقي، يصدر الآن تباعًا عن دار .... ، ويُطبع لأول مرة.
(٢) الثَّنَى: أَن يُفْعَلَ الشيءُ مرتين، ومعنى الحديث: لا تؤخذ الزكاة مرتين في السنة. النهاية: ١/ ٢٢٤.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفه: ٣/ ٢٩٨، كتاب الزكاة، باب من قال: لا تؤخذ الصدقة في السنة إلا مرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>