للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعُروضُ إِلَيهِمَا بالقِيمَةِ لإِتْمَامِ النِّصَابِ، ونُقْصَانُهُ في الحَوْلِ هَدْرٌ.

وجاز تَقْدِيْمُهَا لحوْلٍ وأَكْثَرَ، ولِنُصُبٍ لذي نِصَابٍ.

===

(والعُروضُ إِلَيْهِمَا) أَي أَحدهما، وذلك بالاتفاق (بالقِيمَةِ) قَيْدٌ للمسأَلتين (لإِتْمَامِ النِّصَابِ)، أَي لأَجل إِتمامه. وقال أَبو يوسف ومحمد: يُضَمُّ الذهبُ إِلى الفضةِ بالأَجْزاء، لأَن المُعتَبَر في النقدين القَدْر لا القيمة. ولأَبي حنيفة: أَنَّ الضَّمَّ للمجانسة، وهي تتحققُ باعتبار القيمة. وثمرةُ الخلاف تظهر فيمن له مئة درهم وخمسة مثاقيل قيمتُها مئة درهم، فعند أَبي حنيفة رحمه الله تعالى يُزَكّى، وعندهما لا يُزَكّى.

(ونُقْصَانُهُ) أَي نُقصان مِقْدار النصاب (في الحَوْلِ هَدْرٌ) أَي ساقطٌ غير مانعٍ من الزكاة، لأَن في اعتبار كمالِ النصاب في جميع الحول حَرَجاً، فاعْتُبِر وجودُ النصاب في أَول الحول للانعقاد، وفي آخره للوجوب، كاليمين (١) يشترط فيها الملك حالةَ الانعقاد وحالة نزول الجزاء، وفيما بين ذلك لا يشترط.

قَيَّدْنا النقصان بكَوْنه في المقدار، لأَن نقصان الصفة كذهاب السَّوْم عن الماشية في أَكثر الحولِ، مانعٌ من الزكاة باتفاق. وشرط مالك والشافعي كمال النصاب في كل الحول في السائمة والنقدين، وفي آخره فقط في العروض، وهو قول زُفَر في السوائم والنقدين.

(وجاز تَقْدِيْمُهَا) أَي الزكاة (لحوْلٍ وأَكْثَرَ) وبه قال الشافعي (ولِنُصُبٍ لذي نِصَابٍ) خلافاً لزُفَر، فإِنْ قَدَّمها لِحَوْلٍ وكان النصابُ كاملاً عند تمام الحول وقعت (عنه) (٢) ، وإِنْ لم يكن كاملاً عند تمامه فإِنْ كانت في يدِ الساعي رَدَّهَا، وإِنْ كانت هَالِكَةً لم يضمنها.

وقال مالك: لا يجوز إِخراج الزكاة قبل وجوبها، لما في «مُوَطَّئِهِ» عن ابن عمر رضي الله عنهما: «لا زكاةَ في مالٍ حتى يحولَ عليه الحَوْلُ». ولأَن الأَداءَ إِسقاطٌ قبل الوجوب فصار كأَداء الظهر قبل الزوال.

ولنا ما روى أَحمد، وأَبو داود، والترمذي من حديث جُحَيَّةَ عن عليَ: «أَنَّ العباس سَأَلَ النبيّ صلى الله عليه وسلم في تعجيل زكاتِهِ قَبْلَ أَنْ يحولَ الحوْلُ، مسارعةً إِلى الخَيْرِ، فَأَذِنَ له في ذلك». ولنا أَيضاً: «أَنَّ العباسَ سأَلَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في تعجيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحُلَّ، فَرَخَّصَ له في ذلك». رواه ابن ماجه. وفي روايةٍ للترمذي: أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال


(١) وفي المخطوط: كالثمن.
(٢) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>