للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجِدَ في أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ،

===

وأُجِيب بأَن معنى الحديث عندنا: أَنَّ مَنِ استأْجر رجلاً لِحفرِ معدن فانهار عليه فهو هَدْر (١) ، لا أَنَّ مَنِ استخرجَ مَعْدِناً فهو له، لما روى البيهقيّ عن أَبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في الرِّكازِ الخُمْسُ، قيل: وما الرِّكَازُ يا رسولَ الله؟ قال: الذَّهَبُ والفِضَّةُ الذي خلق اللهُ تعالى في الأَرض يَوْمَ خُلِقَتْ». ولأَن المعادن كانت في أَيادي الكفار، فإِنَّ الأَرض كانت في أَيديهم والمعادنُ جزءٌ منها، لأَنَّ مَنِ اشترى (أَرضاً) (٢) فوجد فيها مَعْدِناً يكون له، ثم صارتِ الأَرض في أَيدينا فتكون تلك المعادن غنيمةً، وفي الغنيمة الخُمس.

ثُم اعلم أَنْ المال المستخرَجَ من الأَرض يقال له: كنز، ومعدن، ورِكاز. والكنز: اسم لِمَا دفنه بنو آدم؛ والمعدن: اسم لما خلقه الله في الأَرض يوم خلقها؛ والرِّكاز: اسم لهما جميعاً، لأَنه يَصْدق على كلَ منهما أَنه مركوزٌ في الأَرض وإِن اختلف الراكز.

(وُجِدَ في أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ) وكذا إِذا وُجد في صحراء ليست خَراجيةً، ولا عُشْرِيةً. والتقييد (٣) لإِفادة الحق ليس له تعلق بالأَرض، أَوْ للاحتراز عن الدَّار.

والحاصل: أَنه يُؤخذ الخُمْس من المَعْدِن مُطلقاً لا رُبُع العُشْر من النقد فقط إِنْ بلغ نِصاباً كما قاله مالك والشافعي، لما روى أَبو حاتم من حديث عبد الله بن نافع، عن أَبيه، عن عبد الله بن عمرَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «في الرِّكازِ العُشُور».

قلنا: ابن نافع متروك كما قال النسائي، فلم يَفِد مطلوباً. ولما في «الموطأَ» عن رَبِيعة بن (أبي) (٤) عبد الرحمن، عن غير واحدٍ من علمائهم: «أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَقطع لِبِلال بن الحارث المُزَني معادن بالقَبَلِيِّة (٥) . وهي ناحية بالفُرْع (٦) ، فتلك المعادن لا يُؤخذ


(١) أي لا شيء على من استأجره. فتح الباري: ٣/ ٣٦٥.
(٢) في المطبوع: أَرضنا، وما أثبتناه من المخطوط.
(٣) أي قيد كلمة "أرض" بخراج أو بعُشْر لإِفادة الحق.
(٤) سقط من المطبوع والمخطوط. وهو من "الموطأ" ١/ ٢٤٨، كتاب الزكاة (١٧)، باب الزكاة في المعادن (٣)، رقم (٨).
(٥) حُرِّفت في المطبوع إلى "القبيلة"، والصواب ما أثبتناه من المخطوط و"الموطأ" الموضع السابق.
(٦) القَبَلِيَّة: منسوبة إلى قَبَل، وهي ناحية من ساحل البحر، بينها وبين المدينة خمسة أيام، وقيل هي من ناحية الفرْع: وهي قرية من نواحي المدينة، بينها وبين المدينة ثمانية بُرُد على طريق مكة. انظر "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٤/ ١٠، و "معجم البلدان" ٤/ ٢٥٢، ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>