للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبَاقِيهِ لِلوَاجِدِ إِنْ لَمْ تُمْلَكِ الأَرْضُ، وإِلَّا فِلِمَالِكهَا، ولا شَيءَ فيهِ إِنْ وُجِدَ في دَارهِ، وفي أَرْضِهِ رِوَايَتَانِ.

===

منها إِلا الزكاة إِلى اليوم.

قلنا: حديثٌ مُنقطعٌ، ومع اتصاله من رواية الدَّرَاوَرْدِيّ ليس فيه: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بذلك، وإِنما قال: يُؤخذ منه إِلى اليوم، فيجوز أَنْ يكون ذلك اجتهاداً من أَهل الولايات. وحجتنا الكتاب والسنة، أَمَّا الكتابُ فَظَاهِرُ قَوْله تعالى: {واعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُم مِنْ شَيءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ} (١) ولا شَكَّ في صِدْق الغنيمة على هذا المال لما سبق من المقال. وأَمَّا السُّنَّةُ فالحديثان المتقدمان، وأَخرج الحاكم في «المُسْتَدْرَك» عن عمرو بن شُعَيْب، عن أَبيه، عن جده، عن عبد الله بن عمر أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال في كنز وجده رَجُلٌ: «إِنْ كُنْتَ وَجَدْتَه في قريةٍ غَيْرِ مسكونة، أَوْ في غير سبيل ميتاء، ففيه وفي الرِّكَازِ الخُمْس». ورواه الشافعي عن سفيان، عن داود بن شابور، ويعقوب بن عطاء، عن عَمْرُويَهْ.

وفي «الإِمام» عن الشَّعْبِيّ: «أَنَّ رجلاً وجد رِكَازاً فأَتَى به عَلِيّاً، فأَخَذَ منه الخُمْسَ، وأَعطى بَقِيَّتَهُ للذي وجده، فأَخبر به النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأَعْجَبَهُ». والمُرْسَلُ حجة عندنا وعند الجمهور، فهذا (٢) دليل قوله:

(وبَاقِيهِ) وهو أَربعة أَخْماسه (لِلوَاجِدِ إِنْ لَمْ تُمْلَكِ الأَرْضُ) سواء كان الواجد حرَّاً، أَوْ عبداً، مُسلماً، أَوْ ذِمِّياً، لأَنَّ للغانمين يداً باطنةً، ولِلوَاجد يداً ظاهرةً وباطنةً فكانت أَقوى، فكان لها أَربعة أَخماس. ولو كان الواجدُ حربياً مُستأْمَناً أُخذ منه الكل، لأَنَّ الحربي لا حَظَّ له في الغنِيمة أَصلاً، بخلاف الكِتابي فإِنَّ له حظّاً فيها بطريقِ الرضخ: وهو إِعطاء شيءٍ أَقل من سَهْم.

(وإِلاَّ) أَي وإِنْ كانتِ الأَرْضُ مملوكةً (فِلِمَالِكِهَا) أَي فباقيه لمالكها، لأَنه صاحب اليد ظاهراً وباطناً. (ولا شَيءَ فيهِ) أَي في المعدن (إِنْ وُجِدَ في دَارهِ)، وقال أَبو يوسف ومحمد رحمهما الله: فيه الخُمْس كالكَنْز. ولأَبي حنيفة: أَنَّ المعدن جزءٌ من الدار خِلْقَةً، ولا مَؤُنة للسلطان بالعُشْر أَوْ الخَرَاج في جزءٍ من أَجزاء الدار، والكَنْز مالٌ أُودِعَ فيها ليس خِلْقَةً.

(وفي أَرْضِهِ رِوَايَتَانِ) عن أَبي حنيفة، ففي رواية «الأَصْل»: لا شَيءَ فيه، لأَنَّ


(١) سورة الأنفال، الآية: (٤١).
(٢) وفي المخطوط: وهو.

<<  <  ج: ص:  >  >>