للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسلم المَالِكُ، أَوْ شراها مُسْلِمٌ.

إِنِ اشْتَرَى الكَافِرُ عُشرِيَّةَ مُسْلِمٍ وُضِعَ الخَراجُ.

===

أَسلم المَالِكُ، أَوْ شراها) أَي الأَرض الخَراجية (مُسْلِمٌ) لأَنَّ الخَراج فيه معنى المؤنة ومعنى العقوبة، فاعتبر مُؤْنةً حالة البقاء، فبقي على المسلم، وعقوبةً حالة الابتداء، فلم يبتدأ به المسلم.

ولما روى البيهقيُّ من حديث طارق بن شهاب قال: أَسلمت امرأَةٌ من أَهل نهر الملك ـ أَي كِسْرَى ـ فكتب عمر بن الخطاب: «إِنْ اختارت أَرضَها وأَدَّت ما على أَرضها فخلوا بينها وبين أَرضها، وإِلاَّ فخلوا بين المسلمين وبين أَرضيهم» (١) . وروى أَيضاً: أَنَّ فَرْقَداً السلمي قال لعمر بن الخطاب: «إِنِّي اشتريت أَرْضاً من أَراضي السواد. فقال عمر: أَنت فيها مثل صاحبها».

قال صاحب «الهداية»: وليس على المجوسي في داره شيءٌ، لأَنَّ عمر جعل المساكن عَفْواً، فغير معروف عند المُحَدِّثين. وإِنَّما روى أَبو عُبَيْدٍ تَعْليقاً: أَنَّ عمر جعل الخَراج على الأَرَضِين التي تُغِلُّ مِنْ ذوات الحَبِّ والثمار والتي تَصْلُح لِلغَلَّةِ من النَّامِي والعاقر (٢) ، وعَطَّل من ذلك المساكن والدُّور التي هي منازلهم، ولم يجعل عليهم فيها شَيْئاً.

(إِنِ اشْتَرَى الكَافِرُ) أَي الذِّمي غير التغلبي (عُشرِيةَ مُسْلِم وُضِعَ الخَراجُ) عند أَبي حنيفة، لأَنه أَلْيَقُ بحال الكافر، إِذْ العُشْر مُشْتَمِلٌ على معنى العبادة، والكافر ليس بأَهْلٍ لها، فإِذا خَلا العُشْر عن معناها لم يكن عشراً، وإِخلاء الأَرضِ عن الواجب مُمْتَنِع، فَتَعَيَّنَ الخَراج. وَوُضِعَ العُشْرُ مُضَاعَفاً عند أَبي يوسف، لأَن تضعيفَ ما يُؤخذ من المسلم على الذمّي ثابتٌ في الشرع، كما إِذا مَرَّ على العاشر. فعلم أَنَّ ما يؤخذ من المسلم إِذا ثَبَتَ أَخْذه من الذمّي يضعف عليه ويُصْرف (٣) مصارف الخراج اعتباراً بالتغلبي. ووضع العشر عند محمد لأن المُؤْنة عنده لا تتغير. قَيَّدْنا بغير التغلبي، لأن التغلبي يُؤْخذ منه العُشْر مُضاعفاً إِلاَّ عند محمد.

ولا يُؤخذ خَراجٌ آخَرُ، أَوْ عُشْرٌ، أَوْ زكاةٌ أَخَذَهُ بُغَاةٌ: وهُم قومٌ من المسلمين خرجوا عن طاعة الإِمام العادل بحيث يَسْتَحِلُّون قَتْلَ غيرِ العادلِ ومَالَهُ بتأْويل القرآن،


(١) في المطبوعة: أرضها، وما أثبتناه من المخطوطة و"السنن الكبرى" للبيهقي ٩/ ١٤١.
(٢) في المطبوعة: العامرة، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: مصرف، وما أثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>