للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَلَدِهِ الكَبِيرِ وطِفْلِهِ الغَنِيِّ، بَل مِنْ مَالِهِ ومُكَاتَبِهِ وعَبْدِهِ للتِّجَارَةِ، وعَبْدٍ لَهُ أَبَقَ إِلَّا بَعْدَ عَوْدِهِ، وعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ. وكذا العَبِيد مُشْتَرَكَةً خِلافًا لَهُمَا.

===

(وَوَلَدِهِ الكَبِيرِ) وإِنْ لزمه نفقته، لانعدام الولاية. وأَوجبها مالك والشافعيُّ لأَنه يمونه. (وطِفْلِهِ الغَنِيِّ) لعدم المُؤَن (بَلْ مِنْ مَالِهِ) أَي من مالِ الطفلِ، لأَنها أُجريت مجرى المَؤُنة فأَشبه النفقة، وهذا عند أَبي حنيفة، وأَبي يُوسف. وقال محمد وزُفَر: تجب صدقة فِطْر طفل الغني على أَبيه، لأَنها عبادةٌ وهو ليس مِنْ أَهْل وجوبها، فَحينئذٍ لو أَدَّى مِنْ ماله ضَمِنَ كالزكاة.

(ومُكَاتَبِهِ) لعدم الولاية الكاملة، ولا يجب على المُكَاتَب أَيضاً لِنَفْسِهِ لأَنه فَقِيرٌ، (وعَبْدِهِ للتِّجَارَةِ) لأَنه يجب عليه الزكاة بسببه، فلو وجبت الفِطْرة فيه لأَدَّى إِلى الثِّنَى في الزكاة: أَي التكرار، وقال صلى الله عليه وسلم «لا ثِنَى في الصدقة» (١) .

(وعَبْدٍ لَهُ أَبَقَ) ـ بصيغة الماضي أَوْ الفاعل ـ لعدم الولاية، وكذا إِذا أُسِر، أَوْ غُصِب، أَوْ جُحِد (إِلاَّ بَعْدَ عَوْدِهِ) لوجود الولاية والمُؤَن.

(وعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ) بين اثنين لقصور الولاية والمُؤْنة في حَقِّ كُلِّ واحدٍ منهما. وأَوجبها مالك والشافعيُّ في العبيد الثلاثة كُلِّها لإِطلاق النصوص المتقدمة، ولأَن صدقة الفطر مؤنة الرأس لا تعلق لها بالمالية كالنفقة، أَلَا ترى أَنها تجب عن الولد الحر ولا مالية فيه، وزكاةُ المال تجب بسبب المال النامي، فكانا حَقَّيْنِ مختلفين يَجِبَانِ بسببينِ مختلفين: أَحدهما في الذمة: وهي الفطرة، حتى لا تسقط بعروض الفقر بعد الوجوب، والآخَر في المال: وهو بعضُ النِّصاب حتى تسقط بهلاك المال، فلم يكن بينهما تدافع كالأُجْرة والزكاة والنفقة. ولنا ما قدمناه، ولأَن الشرع بَنَى هذه الصدقة على المؤنة فقال: «أَدُّوا عَمَّنْ تَمُونُون» (٢) ، وهذا العبد مُعَدٌّ للتجارةِ لا للمؤنة والنفقة.

(وكذا العَبِيدِ) حال كونها (مُشْتَرَكَةً) عند أَبي حنيفة (خِلَافاً لَهُمَا) في المشهور عنهما، فإِنهما قالا: يجب على كُلِّ واحدٍ من الشريكين فطرة ما يَخُصّهُ من الرؤوس دون الأَشقاص (٣) ، حتى لو كان بين رجلين ثلاثة أَعْبُدٍ أَوْ خَمْسَةٌ، يجب على كل واحدٍ منهما صدقةُ عبدٍ أَوْ عَبْدَيْنِ، وهذا بناءً على صِحَّةِ قسمة الرقيق جبراً عندهما


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ٣/ ٢١٨، كتاب الزكاة ..
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٤/ ١٦١، كتاب الزكاة، باب إخراج الفطر عن نفسه وغيره ممن تلزمه مؤنته.
(٣) الشِّقْص: النَّصِبب في العين المُشْتركة من كُلِّ شيء. النهاية: ٢/ ٤٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>