للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَجِبُ بِطُلُوعِ فَجْرِ الفِطْرِ. وجَازَ تَقْدِيُمهَا. ولا تَسْقُط إِنْ أَخَّرَ.

===

وعدم صحة قسمتها عنده، فلم يملك كل واحدٍ منهما ما يُسَمَّى عبداً. وقيل: لا تجب الفِطرة في العبيد المُشْتَرَكَةِ باتفاق، لأَنَّ النصيب لا يجتمع قبل القسمة، فلم يتم رقبة لواحدٍ.

(وتَجِبُ) الفطرة (بِطُلُوعِ فَجْرِ) يوم (الفِطْرِ) فَمَنْ ماتَ قَبْلَه، أَوْ أَسْلَمَ بعده، أَوْ وُلِد، لا يجب لأَجله، ومَنْ أَسلم، أَوْ استغنى، أَوْ وُلِدَ له، أَوْ ملك عبداً قبله فعليه الصدقة.

وقال الشافعيُّ: تَجِبُ بغروبِ الشمس من اليوم الأَخير مِنْ رمضان، وعنه أَنَّها تَجب بطلوعِ الفجر. وعن مالك وأَحمد أَيضاً روايتان. ومَبْنَى الخِلاف على أَنَّ قول ابن عمر في الحديث السابق: «فرض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صدقةَ الفِطْر من رمضانَ». المراد به الفِطْرُ المعتاد في سائر الشهر، فيكون الوجوب بالغروب، أَوْ الفطر الذي ليس بمعتادٍ فيه، فيكون الوجوبُ بطلوع الفجر. لنا أَنه لو كان المراد الفِطْر المعتاد في سائر الشهر لوجب ثلاثونَ فِطْرَةً.

ثُم يُستحب إِخراجها بعد طلوع الفَجْر قبل صلاة العيد، لما رَوَى الحاكم في «علوم الحديث» من حديث ابن عمر قال: «كان يَأْمُرُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ صدقةَ الفِطْرِ قبل الصلاة، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُها قبل أَنْ يَنْصرِف إِلى المُصَلَّى ويقول: «أغنُوهُم عنِ السؤالِ في هذا اليوم». ورواه أَبو داود عن ابن عمر، ولفظه: «أَمَرَنا عليه الصلاة والسلام بزكاةِ الفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خروجِ النَّاسِ إِلى الصلاة».

(وجَازَ تَقْدِيمُهَا) على يوم الفطر مُطلقاً، وهو اختيار صاحب «الهداية». وقال خَلَف بن أَيوب: يجوز في رمضان ولا يجوز قبله، وهو اختيار الإِمام أَبي بكر محمد ابن الفضل، وهو الصحيح وعليه الفتوى، كذا في «الظهيرية». وقيل: يجوز في العَشْرِ الأَواخر لا قبله، وعند الحسن بن زياد لا يجوزُ تَعْجِيلُها أَصلاً، كذا في «الكافي».

(ولا تَسْقُط إِنْ أَخَّرَ) عن يوم الفطر في الأَصح وإِنِ افتقر، لأَنها قُرْبَةٌ مالية، فلا تسقط بعد الوجوب إِلاَّ بالأَداء، كالزكاة. وعن الحسن أَنها تسقطُ بِمُضِيِّ يوم الفطر، لأَنها قُرْبةٌ اختصت بيوم العيد فَتَسْقُط بِمُضِيِّه، كالأَضحية. قلنا: لا تسقط بل ينتقل الوجوبُ إِلى التصدق بالقيمة، وهذا لأَن القُرْبة بإِراقة الدم غَيْرُ معقولةِ المعنى (١) ، وإِنَّما عُرِفت شَرْعاً في أَيامٍ مخصوصةٍ، وَوَجْهُ القُرْبَةِ في التصدق مَعْقُولٌ: وهو سَدُّ خَلَّةِ


(١) أي مدركة العِلَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>