للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِنِيَّةٍ

===

النصارى صومُ رمضانَ، وكان عليهم مَلِكٌ فَمَرِضَ، فقالوا: لئن شفاه اللهُ لَنَزِيدَنَّ عَشْراً، ثم كان عليهم مَلِكٌ بعده فتوجع، فقالوا: لئن شفاه اللهُ لنزيدَنَّ ثمانية أَيام، ثم كان بعد ذلك ملك فقالوا: نُتِمُّ هذه الأَيام، ونَجْعَلُ صومنا في الربيع، فصار خمسين يوماً».

وكذا صوم الكفارات فَرْضٌ لقوله تعالى في كَفَّارَتَيْ القتل والظِّهار (١) : {فَمَنْ لم يَجِد فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (٢) ، وفي كفارة اليمين: {فَمَنْ لَمْ يَجِد فَصِيَامُ ثلاثةِ أَيَّامٍ، ذلك كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} (٣) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام للذي وَاقَع امرأته في رمضان: «صُم شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» (٤) . وكذا فَرْضُ المَنْذُورِ في الأَظهر لقوله تعالى: {وليُوفُوا نُذُورَهُم} (٥) ، وقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ» (٦) . وقيل: إِنَّه واجب.

وشُرِطَ لوجوبِ أَداء رمضانَ: الصحةُ والإِقامةُ لما تلونا. وشَرْطُ صِحَّته: الطهارةُ من الحيض والنفاس ـ لما تقدم في بابه ـ لا الطهارةُ من الجنابة، لقوله تعالى: {فالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} (٧) الآية.

(بِنِيَّةٍ) متجددة لكل يوم، لأَنه عبادة على حِدَة. وقال مالك في المشهور عنه، وهو رواية عن أَحمد: يكفي نيةٌ واحدة لجميع الشهر في أَول ليلة منه، لأَن صوم الشهر عبادةٌ واحدة، فتصح بنية واحدة، كصحة اعتكاف شهرٍ بنية واحدة. قلنا: إِنَّ صوم كل يوم عبادة على حِدَة، لِتَخَلُّلِ ليلةٍ غَيْرِ صَالحة للصوم بين كل يومين بخلاف اعتكاف شهر، فإِنَّ جميع أَوقاته صالحة له، ثم لو نوى عند الغروب لا يَصِحُّ، فلا بد أَنْ تقع في ليلةٍ.


(١) الظِّهار: هو تحريمُ الرجل امرأته عليه بقوله: أنْتِ عليّ كَظَهْرِ أُمّي، معجم لغة الفقهاء، ص: ٢٩٧.
(٢) سورة المجادلة، الآية: (٤).
(٣) سورة المائدة، الآية: (٨٩).
(٤) أَخرجه الإِمام البخاري في "صحيحه" فتح البارى" ١٠/ ٥٠٣، كتاب الأَدب (٧٨)، باب التبسّم والضَّحك (٦٨)، رقم (٦٠٨٥).
(٥) سورة الحج، الآية: (٢٩).
(٦) أخرجه الإمام البخارى في صحيحه ٤/ ٢٨٤، كتاب الاعتكاف (٣٣)، باب إذا نذر في الجاهلية أنْ يعتكف … (١٦)، رقم (٢٠٤٣).
(٧) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>