للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَبْلَ نِصْفِ النهارِ الشَّرْعِي

===

وجاز وُقوعُها (قَبْلَ نِصْفِ النهارِ الشَّرْعِي)، وهو من الفجر (١) إِلى الغروب. وَقَيَّدَ «النهار» بالشرعي لِدَفْعِ تَوَهُّم أَنَّ المراد النهار اللُّغوي، وهو من طلوع الشمس إِلى غروبها. وذلك لأَنه لا بد من وجود النية في أَكثر وقت الأَداء لقيامه مقام الكمال، ونصفه من طلوع الفجر إِلى وقت الضحوة الكبرى (٢) ، فتُشْتَرَطُ النية قبلها لِتَتَحَقَّقَ في الأَكثر، وهذا على الأَصح. وقيل: قيام الزوال. وقال مالك، والشافعي وأَحمد: يجب تعيين صوم الحاضر من الليل، إِلاَّ أَنَّ مالكاً يشترط تبييت النيّة من الليل في كل صوم: فرضاً ونفلاً.

وقال الشافعي، وأَحمد: في غير النَّفْل، لما في السنن الأَربعة من حديث ابن عمر، عن أُخته حفصة رَضِيَ الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له».

هكذا لفظ أَبي داود والترمذي، ولفظ ابن ماجه: «لا صيام لِمَنْ لم يَفْرِض الصيام من الليل»، وجَمَعَ النسائي بينهما، قال أَبو داود: ورواه الليث، وإِسحاق بن حازم عن عبد الله بن أَبي بكر بن عمرو بن حزم، عن الزّهْرِيّ مثله. وَوَقَفَهُ على حَفْصَةَ مَعْمَرٌ، والزُّبَيْر، وابن عُيَينة، ويونس الأَيلي، عن الزُّهْري. ورواه الترمذي عن يحيى بن أَيوب، عن عبد الله بن (أَبي بكر) (٣) وقال: هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إِلاَّ من هذا الوجه. وقد روى نافع عن ابن عمر قوله، وهو أَصح.

وقال النَّسائي: الصواب عندنا أَنه موقوف، ولم يَرْوِ مالك في «الموطأ» إِلاَّ من كلام ابن عمر، وعائشة، وحفصة، وعلى تقدير ثبوته مَحْمُولٌ على نَفْي الكمال، ولأَن أَول أَجزائه مفتقر إِلى النية، لأَنه قُرْبةٌ كسائره، فإِذا خلا عنها بَطَلَ ذلك الجزء، فبطل الباقي ضَرُورَةً، لأَنه لا يتجزَّأُ.

ولنا ما في السنن الأَربعة عن ابن عباس قال: جاء أَعرابي إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: إِنّي رأَيتُ الهِلَال ـ قال الحسن في حديثه: يعني رمضانَ ـ فقال: أَتشهدُ أَنْ لا إِله إلااللهُ؟ قال: نعم، قال: أَتشهدُ أَنَّ محمداً رسولُ الله؟ قال: نعم، قال: يا بلالُ أَذِّن في الناس، فليصوموا». وأَما قول صاحب «الهداية»: لقوله عليه الصلاة والسلام بعدما شَهِدَ


(١) أي الفجر الصادق.
(٢) الضحوة الكبرى: هي منْتَصف النهار الشرعي - وهو من الفجر إلى الغروب -. معجم لغة الفقهاء، ص ٢٨٢.
(٣) في المطبوعة: بكرية، وما أثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>