للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَع أَمْنِ الطَّرِيقِ.

والزَّوْجِ أَوْ المَحْرَمِ للمَرْأَةِ

===

أَي رجوعه إِلى وطنه.

(مَع أَمْنِ الطَّرِيقِ) وقتَ خروج أَهل بلده ـ وإِنْ كانَ مُخِيفاً في غيره ـ بغلبة السلامة فيه، براً كان الطريق أَوْ بحراً على المفتى به. وهو قول أَبي الليث، لأَنَّ العبرة للغالب، وقد سُئِل الكَرْخي عَمَّنْ لا يَحُجُّ خَوْفاً من القرامطة في البادية، فقال: ما سلمت البادية من الآفات، أَي لا تخلو عنها كقلة الماء، وشدة الحر، وهيجان السَّمُوم (١) ، وكثرة السرقة والغَلاء. وما أَفتى به أَبو بكر الرازي من سقوط الحج عن أَهل بغداد، وقول أَبي بكر الإِسْكَاف: لا أَقول الحج فريضة في زماننا، قاله سنة ست وعشرين وثلاث مئة، وقول الثلْجي (٢) : ليس على أَهل خُرَاسَان حجّ منذ كذا وكذا سنة، كان وقت غلبة النهب والخوف في الطريق.

هذا، وذكر ابنُ شجاع عن أَبي حنيفة أَنَّ أَمْن الطريق شرط الوجوب، وهكذا ذكره الكَرْخِي (٣) وأَبو حفص الكبير، لأَن الحج لا يَتَأَتَّى بدونه إِلاَّ بمشقة، فصار كالزاد والراحلة، وقال بعض أَصحابنا: إِنه شرط الأَداء، لأَنه عليه الصلاة والسلام لما فَسَّرَ الاستطاعة لم يذكر أَمْن الطريق منها.

وثمرة الخلاف تظهر في وجوب الإِيصاء بالحج على مَنْ أَدركه الموت والطريق غير آمن ولم يكن حَجَّ، فَمَنْ جعل أَمْن الطريق شرطاً للأَداء أَوْجَب عليه الإِيصاء، ومَنْ جعله شرطاً للوجوب لم يوجبه.

(و) مع (الزَّوْجِ) المكلف (أَوْ المَحْرَمِ) وهو مَنْ حَرُمَ عليه نكاحها على التأْبيد: وهو رضاعاً أَوْ مصاهرة، بشرط أَنْ يكون تقياً، لا فاسقاً ولا مجوسياً (للمَرْأَةِ) ولو عجوزاً.

وهل ذلك شرط للوجوب، وهو الأَظهر، أَوْ للأَداء؟ فيه ما مر في أَمْن الطريق من الخلاف، وثمرته تظهر في وجوب الوصية إِذا أَدركها الموت وليس لها مَحْرَم ولا زوج، وفي وجوب نفقة المَحْرَم وراحلته عليه إِذا أَبَى أَنْ يَحُجَّ معها إِلاَّ بهما (٤) ، وفي


(١) السَّمُوم: الرِّيح الحارَّة. المعجم الوسيط ص: ٤٥١، مادة (سمَّ).
(٢) وفي المخطوطة: "البَلْخِي"، والصواب ما أثبتناه لما ذكره ابن الهمام في فتح القدير ٢/ ٣٢٨.
(٣) سقط من المطبوعة.
(٤) أي بالزاد والراحلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>