للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ كانَ بَيْنَها وَبيْنَ مَكَّةَ مسيرةُ سَفَر

===

وجوب التزوج عليها إِذا لم تجد مَحْرَماً، فَمَنْ قال: إِنَّ الزوج والمَحْرَم شرط أَداء قال: بِوُجُوب ذلك، ومَنْ قال: إِنه شرط وجوب، لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبه. وهذا كله إِذا وُجِد الشرط عند تأَهبِ أَهل بلده، إِذْ به يصير قادراً على الحج، فلو ملك مالاً قبله وأَنفقه حيث شاء، جاز ولا يجب عليه الحج، لأَنه لا يلزمه التأَهّب في الحال.

(إِنْ كانَ بَيْنَها وبَيْنَ مَكَّةَ مسيرةُ سَفَر) وهي ثلاثة أَيام بلياليها، ويُباح فيما دونها. ومذهب مالك: إِذا وجدت المرأَة صحبة مأْمونة لزمها الحج، لأَنه سفر مفروض كالهجرة. ومذهب الشافعي إِذا وجدت نسوةً ثِقَاتٍ فعليها أَنْ تحج معهنَّ.

ولنا ما في الصحيحين عن ابن عُمَرَ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: لا تُسَافِر المرأَةُ ثلاثةَ أَيامٍ إِلاَّ ومعها ذو مَحْرَم. وفي لفظ: «مسيرة ثلاثِ ليالٍ». وفي لفظ: «مسيرة ثلاثةِ أَيام». وما رواه الدَّارَقُطْنِيّ في «سُنَنِه،» والبَزَّار في «مسنده»، عن ابن عباس، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَحُجُّ المرأَةُ إِلاَّ ومَعَها مَحْرَمٌ»، فقال رَجُلٌ: يا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي اكْتَتَبْتُ في غزوةِ كذا، وامرأَتي حَاجَّة، قال: «ارْجِع وحُجَّ مَعَها». وفي «سُنَنِ الدَّارَقُطْنِي» من حديث أَبي أُمَامَةَ الباهِلِي مَرْفُوعاً: «لا تُسَافِرُ امرأَةٌ ثلاثةَ أَيَّامٍ أَوْ تَحُجُّ إِلاَّ ومعها زَوْجُها». وفي رواية لمسلم وأَبي داود: أَنه عليه الصلاة والسلام قال: «لا يَحِلُّ لامرأَةٍ تُؤمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ أَنْ تُسَافِرَ سفراً يكونُ ثلاثةَ أَيام فَصَاعداً، إِلاَّ ومعها أَبوها، أَوْ ابنها، أَوْ زوجها، أَوْ أَخوها، أَوْ مَحْرَم منها».

ورُوِي عن أَبي حنيفة، وأَبي يوسف كراهةُ خُرُوجها مسيرة يوم بلا مَحْرَم، لما في الصحيحين عن سَعْدِ بن أَبِي سعيد، عن أَبي هريرة مرفوعاً: «لا يَحِلُّ لامرأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ أَنْ تُسَافِرَ مسيرةَ يومٍ وليلةٍ إِلاَّ مع ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ عليها». (وفي لفظ لمسلم: «مسيرة ليلة»، وفي آخرَ له: «يوم») (١) . وفي لفظ لأَبي داود: «بَرِيداً»، وهو عن ابنِ حِبَّان في «صحيحه»، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وللطبراني في «مُعْجَمه»: ثلاثة أَميال، فقيل له: إِنَّ الناس يقولون: ثلاثة أَيام، فقال: وَهِمُوا. قال المُنْذِري: («في حواشيه») ( ١): ليس في هذه (الروايات) ( ١) تباين، فإِنه يُحْتَمَلُ أَنَّه صلى الله عليه وسلم قالها في مواطن مختلفة بِحَسَب الأَسئلة، ويُحْتَمَل أَنْ يكون ذلك كله تمثيلاً لأَقل الأَعداد، فاليوم الواحد أَوَّل العدد وأَقَلُّه، والاثْنَان أَوَّلُ الكثير (٢) وأَقله، والثلاث أَوَّلُ


(١) سقط من المطبوعة.
(٢) في المطبوعة: الكثرة، وما أثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>