الجَمْعِ وأَقله، فكأَنه أَشار إِلى أَنَّ مثل هذا في قلة الزمنِ لا يَحِلُّ لها [فيه](١) السفر مع غير مَحْرم، فكيف بما زاد؟ انتهى.
ويُشْتَرَطُ في المرأَة أَيضاً أَنْ لا تكون مُعْتَدَّةً، ثم إِذا وجدت المرأَة مَحْرماً، ليس للزوج مَنْعُها من الحج الفرض، لأَنَّ حَقَّ الزوج لا يظهر في الفرائض كالصلاة والصوم، وجوّز مالك والشافعي أَنْ يمنعها الزوج من الحج كالحج المنذور، لأَن في خروجها تفويتَ حَقِّه، وحَقُّ العبد مُقَدَّمٌ على حَقِّ الله تعالى بإِذنه. ولنا ما قدمنا، وأَمَّا المنذور فَلأَنَّ وجوبه بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِها، فلا يظهر الوجوب في حَقِّه، فكان نَفْلاً بالنسبة إِليه.
(في العُمُرِ مرةً) لما روى أَبو داود، وابن ماجه، والحاكم وقال: صحيح الإِسناد، عن ابن عباس، أَنَّ الأَقْرَعَ بنَ حَابِسٍ سَأَلَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، الحَجُّ في كل سَنَة أَوْ مرة واحدة؟ قال:«لا بل مرةً واحدةً، فَمَنْ زَادَ فهو تَطَوُّع». ولقول أَبي هريرة: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أَيها الناس، قَدْ فُرِضَ عَلَيْكُم الحَجُّ فَحُجُّوا»، فقال رجل: أَكُلَّ عام يا رسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتى قالها ثلاثاً، فقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «لو قلت: نعم لَوَجَبَتْ ولَمَا اسْتَطَعْتُم»، ثُمَّ قال:«ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُم، فإِنما هلك مَنْ كان قبلكم بِكَثْرَةِ سؤالهم واختلافهم على أَنبيائهم، فإِذا أَمَرْتُكُمْ بِشيءٍ فَأْتُوا منه ما استطعتم، وإِذا نَهَيْتُكُم عن شيء فدعوه». رواه مسلم.
فقوله:«لو قُلْتُ: نعم لوجبت ولَمَا اسْتَطَعْتُم»، يستلزم نفي وجوب التكرار من وجهين: لإِفادة «لو» هنا امتناعَ «نعم»، فيلزمه ثبوت نقيضه وهو «لا»، والتصريح بنفي الاستطاعة أَيضاً، ولِقَوْلِ ابنِ عباس: خطبنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أَيها الناس، إِنَّ اللهَ كَتَبَ عليكم الحج»، فقام الأَقْرَعُ بنُ حَابِس فقال: في كل عام يا رسول الله؟ قال:«لو قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ ولم تستطيعوا أَنْ تَعْمَلوا بها، الحج مرة، فَمَنْ زَادَ فَتَطَوُّعٌ». رواه أَحمد في «مُسْنَدِهِ»، والدَّارَقُطْنِيّ في «سُنَنِهِ».
ولأن سببه البيتُ، وإِنه لا يتعدد، فلا يتكرر الوجوب، فاندفع قولُ الشافعية: أَنَّ الحج فَرْضُ كفاية في كل سنة.
(عَلَى الفَوْر) وهو قول أَبي يوسف، ومذهب مالك، وأَصح الروايتين عن أَبي حنيفة. وقال محمد، وهو رواية عن أَبي يوسف وقول الشافعي: إِنه على التراخي، إِلاَّ