للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وكذا الحَلْقُ في الحَرَم واجب (عند أَبي حنيفة ومحمد، وسُنَّةُ) (١) عند أَبي يوسف، وكذا الاستقامة في الطواف: وهي أَنْ يَشْرَعَ على أَيْمَنَ ما يلي الباب. وكذا الطهارة له (٢) من الحَدَثَيْن وستر العورة واجبان عندنا لا شرائط كما قال مالك والشافعي، ولا خلاف في رُكْنِيَّة طواف الزيارة، وعدم تمام الحج بدونه، وعَدَم جَبْرِه بشيء دونَ فِعْله، وإِنَّما الخلافُ في شروطه وكيفيته، فقال علماؤنا: طواف المُحْدِث والجُنُب يقع به التحلل عن الحج، وكذا بدون الستر، وبالمنكوس والمعكوس. وعندهما لا يقع به التحلل ويكون كَمَنْ لم يَطُف.

وجملة الجواب عندنا: أَنَّ مَنْ طَافَ وتَرَكَ واحِداً مما ذكرنا أَنَّهُ يَجِبُ عليه الإِعادة، وإِنْ لم يُعِد حتى خرج إِلى أَهله يَجبر نَقْص الجناية بالبَدَنة، ونقص البواقي بالشاة.

ولهما أَنَّ الطهارة شَرْطُ هذه العبادة قياساً على الصلاة، ولقوله صلى الله عليه وسلم «الطَّوَافُ بالبيتِ صَلَاةٌ إِلاَّ أَنكم تَتَكَلَّمُونَ فيه، فَمَنْ تَكَلَّمَ لا يتكلمُ إِلاَّ بخَيْر»، رواه الترمذي. أَي صَلَاةٌ حُكْماً، لأَنَّه صلى الله عليه وسلم بُعِث لتعليم الأَحكام، ولأَنه استثنى، فَعُلِمَ أَنَّ المستثنى منه أَيضاً حُكْمٌ، فثبت أَنَّ الطهارة شرطُ هذا الركن، بخلاف سائر أَركان الحج، وأَنَّه مُشَبَّه بالصلاةِ في هذا الحُكْم.

ولِعُلمائنا قَوْلُه تعالى: {ولْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيق} (٣) ، وأَنَّه في اللغة عبارة عن الدوَرَان حول البيت، فَمَنْ شَرَطَ للخروج عن عُهْدَة هذا الأَمر غير هذا الفعل، من طهارةٍ فَقَدْ زَادَ على النص وذلك بِمَنْزِلَةِ النَّسْخِ، فلا يجوز بخبر الواحد، ولا بالقياس.

فإِنْ قيل: فِعْلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الطوافَ بطهارةٍ كان بياناً للأَمر في حق الطهارة، إِذْ النص كان مُجْمَلاً في حقِّ الطهارة، وهذا الفعل ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتواتر. قلنا: إِنَّما يقال: إِنَّه بيان، إِذا كان النص يحتمله بِوَجْهٍ، والأَمر بالطواف لا يحتمل الطهارة، فيصير زيادة لا محالة، والزيادة قد تكون لتعلق أَصل الجواز به، وقد تكون لتعلق الكمال به، فلا يتعلّق به أَصل الجواز بالاحتمال، بل يبقى معه ظاهر النص كما كان، ولأَن الأَصل في (النصوص الظاهرة أَنها لا تتوقفُ) (٤) على البيان، وما يوجد


(١) سقط من المطبوعة.
(٢) أي طواف الإِفاضة.
(٣) سورة الحج، الآية: (٢٩).
(٤) عبارة المطبوعة: "النصر هو الظاهر وأنه لا يتوقف" وما أثبتناه عبارة المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>