للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَشْهُرُهُ: شَوّال وذو القَعْدة وعَشْرُ ذِي الحِجَّة. وكُرِهَ إِحْرَامُهُ له قَبْلَهَا.

===

من رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بياناً للكامل منه في حق العمل (وفي حقِّ العلم، أَما في حقِّ العلم، فالطهارة ليست بشرط كسائر أَركان الحج، وفي حق العمل) (١) فالطهارة شرط له كالصلاة.

فعلى هذا أَمْرُ الطواف، أَصله بِقَدْرِ ما تدل عليه الآية واجبٌ عِلْماً وعَمَلاً، وما زِيدَ بالسُّنَّةِ مما لا يمكنُ إِضَافَتُه إِلى الآية واجبٌ عَمَلاً لا عِلْماً، إِما لأَنَّ الخبر خَبَرُ واحدٍ، فلا يُنْسَخُ به الفرضُ الثابت بالكتاب، فَيُحْمَل عليه، حتى لا يكون نسخاً، أَوْ لأَن النسخ لا يُصَارُ إِليه ما أَمكن حَمْلُ فِعْل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيان الأَكمل به بواجب من قبله لا بالكتاب، فيحمل عليه حتى (٢) لا (٣) يكون نسخاً. وستجيء سننه وآدابه.

(وأَشْهُرُهُ شَوّال وذو القِعْدة) ـ بفَتْح القاف وتكسر ـ (وعَشْرُ ذِي الحِجَّة) ـ بكسر الحاء ـ أَي عشرة أَيام منها، فإِنَّه إِذا حُذِف التمييز جاز التذكير، وهو قول العبادلة. وعن أَبي يوسف: عَشْرُ ليالٍ وتسعةُ أَيَّام. وقال مالك: وذو الحِجة بِتَمَامِهِ لقوله تعالى: {أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (٤) ، أَي وَقْتُه، والشَّهْرُ يقع على الكامل حقيقةً، وعلى غيره مَجَازاً من باب إِطلاق الكل وإِرَادَة البعض.

ولنا ما أَخرجه الحاكم ـ وقال: على شرط الشيخين، وعَلَّقَهُ البُخَاري ـ عن ابن عمر في قوله تعالى: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، قال: شوال، وذو القِعدة، وعَشْرُ ذي الحِجة، وتَفْسِيرُ الصحابي في حُكْم الرفع (٥) . وبهذا يتم الاستدلال. وأَخرج الدَّارَقُطْنِيّ، وابن أَبي شيبة عن ابن عباس وابن الزبير وابن مسعود نحوه. وفائدة توقيت الحج تظهر في أَنَّ شيئاً من أَفعال الحج لا يجزاء إِلاَّ فيه، لا في أَنَّ أَفعال الحج تجزاء في أَي وقت كان منه، فلو أَحرم بالحج في رمضان وسَعَى بعد أَكثر طواف القدوم في شوال أَجزأَه ذلك عن السعي الواجب، وإِن سعى في رمضان لا يجزئه.

(وكُرِهَ) أَي كراهة تحريم (إِحْرَامُهُ له) أَي الحج (قَبْلَهَا) أَي قبل أَشْهُرِ الحج،


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.
(٢) "حتى" هنا التفريعية، وليست الناصبة.
(٣) سقط من المطبوعة.
(٤) سورة البقرة، الآية: (١٩٧).
(٥) أي الإضافة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>