للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

مرحلتين من مكة. وروى الشيخان من حديث ابن عباس: «أَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَهل المدينة ذا الحُلَيْفةِ، ولأَهل الشامِ الجُحْفَةَ، ولأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِل، ولأَهل اليمنِ يَلَمْلَمَ: هُنَّ لَهُنَّ، ولِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ من غير أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَراد الحَجَّ والعمرة ـ أَي مكانهما ـ ومَنْ كان دون ذلك، فمن حيثُ أَنشأَ حتى أَهْلُ مكة من مكةَ». أَي أَنشأَوا إِحرامهم منها للحج، وأَمَّا للعمرة فلا بدَّ لهم من الخروج إِلى الحِلِّ من أَرض الحرم. ورُوِي: هنَّ لَهُم، والمشهور الأَول، وَوَجْهُهُ أَنَّه على حذف مضاف، والتقدير: هُنَّ لأَهلهن.

وروى البخاري عن ابن عمر قال: «لما فُتح هذان المصرانِ أَتَوْا عمر فقالوا: يا أَمير المؤمنين، إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حَدَّ لأَهل نَجْدٍ قَرْناً وهي جَوْرٌ عن طريقنا ـ أَي مائل ـ وإِنَّا إِذا أَرَدْنَا قَرْناً شَقَّ علينا، قال: انظروا حَذْوَها من طريقِكم، فَحَدَّ لَهُمْ ذاتَ عِرْق». والمِصْران: هما البصرة والكوفة. وقد ثبت في «صحيح مسلم» عن أَبي الزُّبَيْر عن جابر قال: سمعت، أَحسبه رَفَعَ الحديثَ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مُهَلُّ (١) أَهْلِ المدينة .... إلى أَنْ قال: ومُهَلُّ العِرَاقِ من (٢) ذَاتِ عِرْق». إِلاَّ أَنَّ الراوي شكَّ في رَفْعِهِ في هذه المرة، ورواه مرةً أُخرى بلا شك على ما في ابن ماجه. ولفظ ابن عمر: «ومُهَلُّ أَهْل الشُّرْق ذَاتُ عِرْق». إِلاَّ أَنَّ في سنده إِبراهيم بن يزيد الجوزي لا يُحتج بحديثه.

وفي «سُنن أَبي داود» عن عائشة: «أَنه صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَهل العراق ذاتَ عِرْق». وفيها أَيضاً عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس قال: «وَقَّتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأَهْل المَشْرِقِ العَقِيق». قال البيهقي: تَفَرَّدَ به يزيد بن أَبي ( ٢) زياد، عن محمد بن علي، وقال ابن القطان: أَخافُ أَنْ يكون مُنْقَطِعاً، فإِنَّ محمداً فيما عُهِدَ يَرْوي عن أَبيه، عن جَدِّه. وفي «مُسنَد البَزَّارِ» عن مُسْلم بنِ خالد الزَّنْجِي، عن ابن جُرَيْج، عن عطاء، عن ابن عباس: «وقّت رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لأَهل (المَشْرق) ذَاتَ عِرْق».

وقال الشافعي: أَخبرنا سعيد بن سالم: أَخبرني ابن جُرَيْج: أَخبرني عطاء: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فذكره مُرْسَلاً بِتَمَامِهِ. وفيه: «لأَهْل المَشْرق ذَاتُ عِرْق». قال ابن


(١) المُهَلُّ: مَوْضعُ الإِهْلال، وهو الميقاتُ الذي يُحْرِمون منه، النهاية: ٥/ ٢٧١.
(٢) سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>