للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِيقَاتُهُ الحِلُّ. ولِمَنْ بِمَكَّةَ لِلْحَجِّ الحَرَمُ، ولِلعُمْرَةِ الحِلُّ.

===

وهذا إِذا لم يَقْصِد الداخل منهم الحج والعمرة، وأَمَّا إِذا قَصَدَ أَحدهما فموضع إِحرامه. (ومِيقَاتُهُ الحِلُّ) الذي بين الميقات والحرم، إِلا أَنه يجوز الإِحرام من دُوَيْرَةِ أَهله، بل هو أَفضل، وما بين الميقات والحرم مكان واحد حَدُّه الحَرَم كالميقات في حق الآفاقي، وحَدُّ الحرم من جانب المدينة نحو أَربعة أَميال ينتهي إِلى التَّنْعِيم، ومن جانب العراق ثمانية إِلى المنقطع، ومن جانب عرفات سبعة، ومما يلي اليمن سبعة إِلى أَضاة، ومِنْ جُدَّة عشرة تنتهي إِلى حُدَيبية وهي دون جُدَّة (١) . ويُعْرَفُ (٢) الحرم بأَن مسيل الحِلّ إِذا جرى إِليه وقف دونه. كذا ذكره ابن الحاجب.

(ولِمَنْ بِمَكَّةَ) وما حولها من الحرم (لِلْحَجِّ الحَرَمُ) لما روى مُسْلِمٌ من حديث جابر قال: «أَمَرَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لما أَحْلَلْنَا (٣) أَنْ نُحْرِم إِذا توجهنا إِلى مِنىً، قال: فَأَحْرَمنا من الأَبْطَح».

(ولِلعُمْرَةِ الحِلُّ) لما روى البخاري عن عائشةَ رَضِيَ الله عنها أَنها قالت: «يا رسولَ الله، اعتمرْتُم ولم أَعتمِر فقال: يا عبدَ الرحمنِ اذهبْ بأُختِكَ فأَعْمِرْهَا من التنعيم، فأَحْقَبَها على راحلة، فاعتمرت». ومعنى أَحْقَبَها: احْتَمَلها. ولما في «صحيح مسلم» عن عائشةَ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إِلاَّ الحَجَّ حتى جئنا سَرِفَ (٤) فطَمَثْتُ (٥) ، فدخل عَلَيَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأَنا أَبكِي، فقال: ما يُبْكِيكِ؟ فقلت: واللهِ لَوَدِدْت أَني لم أَكُنْ خرجْتُ العامَ، فقالَ: ما لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ قلت: نعم، قال: هذا شيءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ على بناتِ آدمَ، افعلِي كما يفعلُه الحاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تطوفي بالبيتِ حتى تَطْهُرِي.

قالَتْ: فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأَصحابه: اجعلوها عُمْرَةً، فَأَحَلَّ الناسُ إِلاَّ مَنْ كان معه الهدي، قالت: وَكَانَتِ الهَدْيُ مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومع أَبي بكر، وعمرَ وذوي اليسارة، ثُم أَهلُّوا حين راحوا، فلما كان يومُ النَّحْرِ طَهُرْتُ، فأَمرني رسولُ


(١) هذا، وقد حُدِّد الحرم المكّي الآن من مختلف الجهات بأعلام بَيِّنة مُبَيَّنة على أطرافه مثل المنار، مكتوب عليها اسم العَلَم بالعربية والأعجمية. الموسوعة الفقهية ١٧/ ١٨٦.
(٢) في المطبوعة: يحرم، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: أحرمنا، وما أثبتناه من المخطوطة، وهو الموافق لما في صحيح مسلم ٢/ ٨٨٢، كتاب الحج (١٥)، باب بيان وجود الإِحرام (١٧)، رقم (١٣٩ - ١٢١٤).
(٤) في المطبوعة: جئت بسَرِف، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٥) طَمَثَت المرأة: حاضت. معجم لغة الفقهاء ص ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>