للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمُباشرةُ الفَاحِشَةُ، لا مَسُّ المرأةِ

===

حَدَّثنا أبي: حدثنا عَمْرُو بن قَيْس السَّكُوني، عن عطاء، عن ابنِ عمر قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «من ضَحِك في الصلاةِ قهقهةً فَليُعِدِ الوضوءَ والصلاة».

وأمَّا الطَّعْنُ فيه بأنَّ بَقِيَّة مُدَلِّس، فكأنه سَمِعَهُ مِنْ بعضِ الضعفاء وحَذَفَ اسمَه: فمدفوعٌ بأنه صَرَّح فيه بالتحديث، والمُدَلِّس الصَّدُوقُ إذا صرَّحَ بالتحديث تَزولُ تُهْمَةُ التدليس، وبَقِيَّةُ مِنْ هذا القَبيل.

وطريقِ مَعبَد، وهو ما رَوَى أبو حنيفة في «مسنده» عن منصور بن زَاذَان الواسطي، عن الحسن، عن مَعْبَد بن أبي مَعْبَدٍ الخُزَاعي، عنه عليه الصلاة والسلام قال: بينما هو في الصلاة إذْ أقبَلَ أعمى يُريدُ الصلاةَ، فوقع في زُبْيَةٍ ـ بضمّ الزاي وسكون الموحدة فتحتيَّة ـ، أي حُفرةٍ، فاستَضْحَكَ القومُ فقهقهوا، فلما انصرَفَ رسولُ الله عليه الصلاة والسلام قال: «من كان منكم قَهْقَه فليُعِدِ الوضوءَ والصلاة».

وقِيلَ: مَعْبدٌ هذا لا صُحبة له، فهو مُرسَلٌ أيضاً، ورُدَّ بأنَّ المَعْبَد الذي لا صُحبةَ له هو مَعْبَدٌ البَصْري الجُهَني، كان الحسَنُ يقول فيه: إياكم ومَعْبداً، فإنه ضالّ مُضِلّ (١) ، ومَعْبدٌ هذا هو الخُزَاعي كما هو مصرَّحٌ في «مُسنَدِ أبي حنيفة»، ولا شَكَّ في صُحبته، ذكره ابنُ مَنْدَه وأبو نُعيمٍ في الصحابة، ورَوَيا له حديثَ جابر: أنَّه لما مَرَّ النبيُّ عليه بخِبَاءِ أمِّ مَعْبَدٍ، فبَعَثَ مَعْبَداً وكان صغيراً فقال: «ادْعُ الشاةَ» … الحديث.

(والمُباشرةُ الفاحِشةُ) وهي أن يَمَسَّ (٢) فَرْجُه فَرْجَها وهو مُنتشِر الآلة، وقال محمد: إنما يَنْقُض إذا خَرَج المَذْيُ، لأنَّ الناقض خروجُ النَّجَس. ولهما أنَّ المباشَرةَ على هذه الصفة لا تخلو غالباً عن مَذي، فجُعِلَ الغالبُ كالمتحقِّق احتياطاً. وفي «القُنْيَة»: وكذا المباشَرَةُ بين الرجلِ والغلامِ، وكذا بين الرَّجلين، تُوجِبُ الوضوءَ عليهما. ثم عباراتُ أكثرِ الكتبِ متظاهِرَةٌ من أنَّ الصحيحَ والمُفَتى به قولُ محمد (٣) .

(لا مسُّ المرأةِ) أي لا يَنْقضُ الوضوءَ مَسُّ المرأة، سواءٌ تَكُونُ إضافةُ المصدر إلى فاعلِه أو مفعوله، وهو قولُ عليّ وجماعةٍ من الصحابة.


(١) لأنه هو أول من أظهر القَدَر بالبصرة. تقريب التهذيب ص ٥٣٩، ترجمة رقم (٦٧٧٧).
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "أن مس"، والمثبت من الجزء الذي حققه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى. "فتح باب العناية" ١/ ٧٨.
(٣) لم يرتضِ ابن نجيم صاحب "البحر" هذا التصحيح، حيث قال: ولا يعتمد على هذا التصحيح، فقد صرح في "التحفة" - كما نقله شارح "المنية" - أن الصحيح قولهما، وهو المذكور في المتون. البحر الرائق ١/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>