للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودَعَا بِمَا شَاءَ، ثُمَّ مَشَى نَحْوَ المَرْوَةِ سَاعِيًا بَيْنَ المِيلَيْنِ الأَخْضَرَيْنِ، وصعِدَ فِيها وفَعَلَ ما فَعَلَ علَى الصَّفَا، ثُمَّ سَعَى إِلى الصَّفَا، فَصَارَ اثْنَينِ، يَفْعَلُ هَكَذا سَبْعًا.

===

صلى الله عليه وسلم قال: «المسألة أَنْ ترفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبيك أَوْ نَحْوَهُما». والاستغفار: أَنْ تشيرَ بأُصْبَعٍ واحدةٍ. والابتهال: أَنْ تَمُدَّ يَدَيْكَ جميعاً. ورَوى إِسحاق بن رَاهُويه وابن ماجه من حديث ابن عباس أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «سَلُوا اللهَ بِبِطُون أَكُفِّكُم ولا تَسْأَلُوه بِظُهُورِهَا، فإِذا فرغتم فامسحوا بها وُجُوهَكُمْ».

(ودَعَا بِمَا شَاءَ) ومِنَ المأْثور: اللهم إِنَّك قلت: ادْعُونِي أَستجب لكم، وإِنك لا تُخْلِفُ الميعاد، وإِني أَسْأَلُكَ كما هديتني للإِسلام أَنْ لا تَنْزِعَه مني حتى تَتَوفَّاني وأَنا مُسْلِمٌ. رواه مالك عن ابن عمر موقوفاً. (ثُمَّ مَشَى) على هِينَتِهِ نازلاً (نَحْوَ المَرْوَةِ) داعياً: اللهم اجْعَلْهُ حَجَّاً مبروراً، وسعياً مَشْكوراً، وذَنْباً مغفوراً، وتجارةً لَنْ تَبُور يا عزيزُ يا غفورُ. وأَمثال ذلك من الأَدعية والأَذكار.

(سَاعِياً) أَي مُسْرِعاً (بَيْنَ المِيلَيْنِ الأَخْضَرَيْنِ) قائلاً: رَبِّ اغْفِر وارْحَم وتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَم، إِنَّكَ أَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ. رواه (ابن أَبي شيبةَ من قول) (١) ابن مسعودٍ موقوفاً. وعن جابر أَنَّه صلى الله عليه وسلم نَزَل إِلى المَرْوَةِ حتى إِذا انصبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ في بطن الوادي، حتى إِذا صَعِد مَشَى. رواه أَبو داود. (وصَعِدَ فِيها) أَي في المروة (وفَعَلَ ما فَعَلَ علَى الصَّفَا) من الاستقبال، والتكبير، والتهليل والدعاء، وهذا شَوْطٌ من السَّعْي.

(ثُمَّ سَعَى) أَي مَشَى متوجّهاً (إِلى الصَّفَا) وهو شَوْطٌ آخَرُ (فَصَارَ اثْنَينِ) ذَهَابُهُ إِلى المروةِ واحدٌ، وعَوْدُهُ إِلى الصَّفَا آخَرُ (يَفْعَلُ هَكَذا سَبْعاً) أَي ابتداءها من الصفا وخَتْمَهَا بالمروة.

وقال الطحاوي، وبعضُ الشافعية: الذهاب من الصفا إِلى المروة ومنها إِلى الصَّفا، مجموعُ ذلك شَوْطٌ، كما أَنَّ الشَّوْط في الطواف من الحجر إِلى الحجر. ويرده قول جابر: فلما كان آخر طوافه على المروة، لأَن مقتضى قولهم: أَنْ يكون آخر طوافه على الصفا. والفرق بين السَّعْي والطواف: أَنَّ السَّعْيَ يتم بالمروةِ فيكونُ الرجوعُ تَكْراراً، والطواف لا يتم إِلاَّ بالوصولِ إِلى الحجر. والأَصل في ذلك حديث جابر الطويل، من قوله: ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الباب إِلى الصفا، فَلَمَّا وَلَّى إِلى الصفا قرأَ: {إِنَّ الصَّفَا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (٢) فبدأَ بما بدَأَ اللهُ به.


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>