للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَكَثَ إِلى فَجْرِ عَرَفَةَ ثُمَّ مِنْها إِلى عَرَفَات، وكُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ. وإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ خَطَبَ الإِمَامُ كالجُمُعَةِ وجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ بأذَانٍ وإِقَامَتَيْنِ.

===

فقال: عرفت. وقيل: لأَن آدم عليه السلام لَمَّا أُهْبِطَ إِلى الأَرض وقع بالهند، ووقعت امرأَته حواء بالسند، وفي رواية: بجدة، فلم يلتقيا إِلاَّ عشيةَ عرفةَ، فسُمِّي يوم عرفة، لمعرفةِ كُلَ منهما الآخر. وقيل: سُمِّي مِنَى بذلك لأَن جبريل لما أَراد أَنْ يفارق آدمَ قال له: ماذا تَتَمنَّى؟ فقال آدم: الجنة.

(ومَكَثَ) بعد وصوله إِلى مِنَى (إِلى فَجْرِ عَرَفَةَ) وصَلَّى الصبح، ومَكَثَ بعد الفجر إِلى طلوع الشمس على ثَبِير (١) ، لما روينا من حديث جابر. (ثُمَّ) دَفَعَ (مِنْها) أَي مِنْ مِنَى (إِلى عَرَفَات) لما قَدَّمنا، ولِمَا روى ابنُ عُمر: أَنه صلى الله عليه وسلم غدَا مِنْ مِنَى حين طَلَعَ الصُّبحُ في صبيحةِ يَوْمِ عَرَفَةَ حتى أَتى عَرَفَةَ … الحديثَ. رواه أَحمد وأَبو داود.

ويُسْتحبُّ أَنْ يسير إِلى عرفةَ على طريق ضَبّ لا على طريق المَأْزِمَيْن، وينزل في عرفة مع الناس حيث شاء، ويُكْره أَنْ ينزل في موضع وحده، وقُرْبُ الجبلِ أَفضلُ إِنْ لم يكن هناك مزاحمة ومنكر.

(وكُلُّهَا) أَي جميع أَجزاء عرفة (مَوْقِفٌ) ولذا سُمِّيت عرفات (إِلاَّ بَطْنَ عُرَنَةَ) لما روى الطبراني والحاكم ـ وقال: على شرط مسلم ـ من حديث ابن عباس أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوقِفٌ، وادفَعُوا عن بَطْنِ عُرَنَة. والمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا موقفٌ، وادفعوا عن بَطْنِ مُحَسِّر». زاد ابن ماجه: «وكُلُّ مِنَى مَنْحَرٌ إِلاَّ ما وراء العَقَبَة». ورواه أَحمد عن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِم وزاد: «وكُلُّ فِجَاج مِنَى مَنْحَرٌ، وفي كلِّ أَيامِ التشريقِ ذَبْحٌ»

(وإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ خَطَبَ الإِمَامُ) في مسجد نَمِرَة بعد الزوال قبل الصلاة خطبتين، يَبْتَدِاءُ فيهما إِذا فَرَغَ المؤذن من الأَذان بين يديه، ويجلس بينهما، (كالجُمُعَةِ) ويُعَلِّمُهُم الوقوف بعرفةَ، ومُزْدَلِفَةَ وباقي المناسك، لحديث جابر: «فأَجازَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى أَتى عرفةَ، فوجد القبة قد ضربت له بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بها، حتى إِذا زَاغَتْ الشمسُ أَمَرَ بالقَصْواء، فرُحِّلت له، فأَتى بطنَ الوادي فخطب الناسَ إِلى أَنْ قال: ثُمَّ أَذَّن ثُم أَقام فصلّى الظهر، ثُم أَقام فَصَلَّى العصر، ولم يُصَلِّ بينهما شيئاً … الحديثَ. رواه مسلم. وهذا معنى قوله (وجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ والعَصْرِ) زَمَانِيَّاً (٢) لما روينا (بأَذَانٍ وإِقَامَتَيْنِ) يؤذن ويقيم للظهر، ثُم يقيم للعصر، وعليه الإِجماع.


(١) ثَبيرٌ: جَبَلٌ بِمَكَّة. مختار الصحاح ص: ٨٢، مادة (ثبر).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>