للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشُرِطَ الجَمَاعَةُ والإِحْرَامُ فِيهِمَا، فلا يَجُوزُ العَصْرُ لِفَاقِدِ أَحَدِهِما، ثُمَّ ذَهَبَ إِلى المَوْقِفِ بِغُسْلٍ سُنَّ

===

(وشُرِطَ) لهذا الجمع (الجَمَاعَةُ) في الصلاتين مع الخطيب (والإِحْرَامُ) بالحَجِّ (فِيهِمَا، فلا يَجُوزُ العَصْرُ (١) لِفَاقِدِ أَحَدِهِما) واقتصرا (٢) على الشرط الثاني: وهو الإِحرام كمالكٍ والشافعيِّ.

(ثُمَّ ذَهَبَ إِلى المَوْقِفِ بِغُسْلٍ سُنَّ) لِمَا ذَكَرْنَا في باب الغُسْل، ويَقِفُ الإِمَامُ بِقُرْب الجبل عند الصخرات السود الكبار التي أَسفل الجبل الذي بِوَسَطِ عرفات، يقال له: إِلَالَ على وزن هِلَال، ويقال له (٣) أَيضاً: جبلُ الرحمة، بحيث يكون الجبل قُبَالَتَهُ بيمين إِذا استقبل القبلةَ، والبناء المربعِ عن يسارهِ بقليلٍ. فقيل: هو مَوْقِفُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيكون مستقبلَ القِبْلَةِ، ويدعو الناسُ بما أَحَبُّوا مستقبلين للقِبْلَةِ، لا كَمَا يَفْعَلُه العوامُ من استقبال الإِمام. وتُرْفَعُ الأَيدي بَسْطاً على رواحلهم وهو أَفْضَلُ من الوقوف قائماً، لما في حديث جابر: ثُم ركِب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فجعل بَطْنَ نَاقَتِهِ القَصْواء إِلى الصخرات، وجعل جبلَ المشاة بين يديه، واستقبلَ القبلةَ فلم يزَلْ واقفاً حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قليلاً حتى غاب القُرْصُ. رواه مسلم، وأَبو داود، وابن ماجه.

وقد ورد: «خَيْرُ الدُّعاءِ دُعاءُ يومِ عرفةَ، وخَيْرُ ما قلت أَنا والنبيُّون مِنْ قبلي: «لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له الملكُ وله الحَمْدُ وهو على كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ». رواه مالك، والترمذي، وأَحمد وغيرُهم. وعن ابن عباس: رَأَيْتُ النبيَّ عليه الصلاة والسلام يَدْعُو بعرفةَ، ويَدَاهُ إِلى صَدْرِهِ كالمُسْتَطْعِم المِسْكِين. رواه البيهقي في «سُنَنِهِ».

وأَمَّا ما رواه ابنُ ماجه عن عبد الله بن كِنَانَةَ بن عباس بن مِرْدَاسِ السُّلَمِيّ: أَنَّ أَبَاه أَخبره عن أَبِيهِ: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دَعَا لأُمَّتِهِ عشيةَ عرفةَ بالمَغْفِرة، فأُجيب: أَني قد غَفَرْتُ لهم ما خَلا المظالِمَ فإِني آخِذٌ للمظلومِ منه، قال: «أَي رَبّ، إِنْ شِئت أَعطيتَ المظلوم الجنة وغفرت للظالم، فلم يُجِبْهُ عشيةَ عرفةَ، فَلَمَّا أَصبح بالمُزْدَلِفَةَ أَعادَ الدعاء، فأُجِيبَ إِلى ما سَأَل، فَضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ـ أَوْ قال ـ تَبَسَّم، فقال أَبو بكر وعمر: بأَبي أَنْتَ وأُمّي، إِنَّ هذه الساعةَ ما كُنْتَ تَضْحَكُ فيها، فما الذي أَضْحَكَكَ ( ٣) أَضْحَكَ اللَّهُ ( ٣) سِنَّكَ قال: إِنَّ عَدُوَّ اللهِ إِبْلِيس لَمَّا عَلِمَ أَنَّ الله سبحانه قد استجابَ دعائي، وغَفَرَ لأُمّتِي، أَخَذَ الترابَ فَجَعَل يَحْثُوهُ على رأْسِهِ ويدعو


(١) أي أداء العصر في هذا الوقت.
(٢) أي محمد وأبو يوسف (الصاحبان).
(٣) سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>