للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويَكْفِي حُضُورُ سَاعَةٍ مِنْ زَوَالِ عَرَفَةَ إِلى فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ،

===

بالوَيْلِ والثُّبُورِ (١) ، فأَضْحَكَنِي ما رَأَيْتُ مِنّ جَزَعِهِ».

فقد قال البُخاري: كِنَانة بن عباس عن أَبيه لا يصح. وقال ابن حِبَّان: كِنَانة بن عباس بن مِرْدَاس السُّلَمي ـ يَرْوي عن أَبيه وروى عنه ابنه ـ مُنْكَر الحديث جداً، ولا أَدْرِي أَنْ التخليط منه أَوْ مِنْ أَبيه، ومِنْ أَيِّهِمَا كان. فهو سَاقِطُ الاحتجاج. انتهى. وقد بسطت هذه المسأَلة في رسالة مستقلة.

وفي «المحيط»: والليالي كُلُّها تابعة للأَيام المستقبلة لا للأَيام الماضية إِلاَّ في الحج، فإِنها في حُكْم الأَيام الماضية، فَلَيْلَةُ عرفةَ تابعةٌ لِيَوْمِ التروية، ولَيْلَةُ النَّحْر تابعةٌ ليومِ عرفةَ، ولهذا يَصِحُّ الوقوف فيها.

وأَمَّا قَوْلُ صاحب «الهدايةِ»: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «خَيْرُ المواقِفِ ما اسْتُقْبِلَ به القِبْلَةُ» فَغَيْرُ معروفٌ بهذا اللفظ، نعم وَرَدَ: «خَيْرُ المجالسِ ما اسْتُقْبِلَتْ به القبلةُ» كما ذكره النووي في «التبيان»، إِلاَّ أَنَّه مِنْ غير عَزْوٍ لأَحد، لكنْ أَخرجَهُ أَبو يَعْلَى، وابن عَدي، والطبراني في «الأَوْسط» ـ وفي سنده متروك ـ بلفظ: «أَكرمُ المجالِسِ ما اسْتُقْبِلَتْ به القبلةُ». وأَورده الحاكم في «صحيحه» (٢) من حديث طويل. وقال إِنه صحيح. ورواه العُقَيْلِي عن ابن عباس مرفوعاً بِلَفْظ: «إِنَّ لكلِّ شيءٍ شَرَفاً، وإِنَّ شَرَفَ المَجَالِسِ ما اسْتُقْبِلَتْ به القِبْلَةُ». وفي الجملة لهذا الحديث أَصْلٌ ثَابِتٌ، فقول ابن حِبَّان مَوْضُوعٌ، مَدْفُوعٌ.

(ويَكْفِي) في الوقوف (حُضُورُ سَاعَةٍ) بشَرْط تَقَدُّم إِحرام (مِنْ زَوَالِ) يومِ (عَرَفَةَ) لأَنه صلى الله عليه وسلم لم يَقِف إِلاَّ بَعْدَمَا جَمَعَ بين الظهر والعصر بعد الزوال، وجَوَّزَ أَحمد الوقوف مِنْ أَوَّل يوم عرفةَ (إِلى فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) وقد رَوَى أَصحابُ السُّنَن الأَربعة، والحاكم ـ وقال: صحيح الإِسناد على شرط كافَّة أَئمة الحديث ـ عَنْ عُرْوَةَ بن مُضَرِّس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ شَهِدَ صلاتنا هذه ـ أَي صلاة الصبح بِمُزْدَلِفة ـ وَوَقَفَ معنا حتى نَدْفَعَ، وقد وقف بِعَرَفَة قبل ذلك ليلاً أَوْ نهاراً، فَقَدْ تَمَّ حَجُّه وقَضَى تَفَثَه».


(١) الثُّبُور: الهَلاكُ. النهاية: ١/ ٢٠٦.
(٢) هذا تَجَوُّزٌ من المصنف: فالأولى أن يقول: في مستدركه.

<<  <  ج: ص:  >  >>