للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ ذَبَحَ إِنْ شاءَ، ثُمَّ قَصَّرَ، وحَلْقُهُ أَفْضَلُ، وحَلَّ لَهُ إِلاَّ النِّساءَ.

===

وفي الطحاوي عن ابن عباس: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَأْمرُ نِسَاءه وثَقَله ـ أَي خدَمَهُ ـ صبيحة جَمْعٍ: أَنْ أَفيضوا من أَوَ

لِ الفَجْرِ بسوادٍ ولا تَرْمُوا الجمرةَ إِلاَّ مُصبحين. فأَثْبَتْنَا الجوازَ بهذا، والفضيلةَ لما قبله. وما رواه على الليلة الثانية والثالثة فَمَخْصُوصٌ بالدُّعاء.

وفي «مَبْسوط» شيخ الإِسلام: أَنْ ما بعدَ طلوعِ الفَجْرِ من يومِ النَّحْر وقتُ الجواز مع الإِساءة، وما بعد طلوعِ الشمسِ إِلى الزَّوَالِ وقتٌ مسنونٌ، وما بعد الزَّوال إِلى الغروب وَقْتُ الجواز بلا إِساءة، والليل وقتُ الجواز مع الإِساءة.

(ثُمَّ ذَبَحَ إِنْ شاءَ) لأَنَّ المُفْرِد لا يجبُ عليه دَمٌ، بل يستحب له. وفي حديث جابر: فَنَحَرَ صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستينَ بَدَنة، ثُم أَعطَى عَلِياً فَنَحَرَ ما غَبَرَ ـ أَي ما بقي من جُمْلَةِ المئة ـ وأَشْرَكَهُ في هَدْيِهِ. وقال ابن حِبَّان: والحِكْمَةُ في أَنَّه صلى الله عليه وسلم نَحَرَ ثلاثاً وستينَ بَدَنة أَنه كان له يَومَئِذٍ ثلاثٌ وستونَ سنةً، فَنَحَرَ لِكُلِّ سَنَةٍ بَدَنةً. ورَوى ابنُ ماجه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ بقرةً عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نسائِهِ في حَجَّةِ الوداع. ورَوى النَّسائي عن عائشةَ قالت: ذَبَحَ عَنَّا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم حَجِّنَا بقرةً.

(ثُمَّ قَصَّرَ) بأَنْ أَخَذَ من رُؤوس شَعْر رَأْسِهِ مِقْدَارَ أُنْمُلةٍ، رجلاً كانَ أَوِ امرأَةً (وحَلْقُهُ) أَي الرجل (أَفْضَلُ) لتقديمه في الآية {مُحَلِّقِينَ رُؤوسَكُم ومُقَصِّرينَ} (١) ، ولما في الصحيحين من حديث ابن عمر: أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «رَحِمَ اللهُ المُحَلِّقِينَ»، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: «رَحِمَ اللهُ المُحَلِّقِينَ»، قالوا: والمقصّرين يا رسولَ الله؟ قال: «رَحِمَ اللهُ المُحَلِّقِينَ»، قالوا: والمقصرين يا رسولَ الله؟ قال: «والمُقَصِّرين». ولفظ البخاري فلما كان الرابعة قال: «والمُقَصِّرين».

وأَمَّا قولُ صاحب «الهداية»: ثم يَذبحُ إِنْ أَحبَّ، ثُم يَحلقُ أَوْ يُقَصِّر لما رُوي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنه كان يقول: «نُسُكنا هذا أَنْ نَرْمي، ثُم نَذْبحَ، ثُم نَحْلقَ» فغير معروف.

(وحَلَّ لَهُ) ما كان محظوراً منه (إِلاَّ النِّساءَ) لما في الصحيحين من حديث عائشةَ قالت: «طَيَّبْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُحْرِم، ويومَ النَّحْر قَبْل أَنْ يَطُوفَ بالبيتِ بطيبٍ فيه مِسْكٌ». والرَّمْيُ غَيْرُ مُحَلِّلٍ من الإِحرام عندنا في المشهور، ومُحَلِّلٌ عند مالك والشافعيّ رحمهما اللهُ تعالى وفي غَيْرِ المشهورِ عندنا، لما في أَبي داود وابن


(١) سورة الفتح، الآية: (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>