للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

المُزْدَلِفَةَ، والفَضْلَ كان رِدْفَهُ مِنْ مُزْدَلِفَة إِلى مِنَى، وكلاهما قال: فلم يَزَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حتى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَة. ولما في الكتب الستة عن الفضل بن عباس أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَل يُلَبِّي حتى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبة. وفي ابن ماجه: فَلَمَّا رَمَاهَا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ.

وفي «آثار الطحاوي» بسنده قال: لَبَّى عبدُ الله وهو مُتَوَجِّهٌ إِلى عرفاتٍ فقال أُناسٌ: مَنْ هذا الأَعرابي؟ فالتفت إِلى عبد الله فقال: ضَلَّ الناسُ أَمْ نَسَوْا؟ والله ما زَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حتى رَمَى الجَمْرَةَ، إِلاَّ أَنْ يخلط ذلك بتهليلٍ أَوْ تكبيرٍ. وفي رواية للطحاوي عن ابن عباس قال: ولم يَسْمع الناسَ يُلَبُّونَ عشيةَ عَرفةَ، قال: أَيُّها الناسُ، أَنَسِيتُم، والذي نَفْسي بِيَدِهِ، لقد رأَيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حتى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبة.

وقَطَعَ مالكٌ التلبيةَ بالرجوعِ من عرفاتٍ، لأَنَّ عمرَ وعليّاً وعائشةَ قطعوا التلبية حين أَفاضوا من عرفة. ولا يَقِفُ بعد رَمْي هذه الجمرةِ لما في البُخاري عن الزُّهْري قال: سَمِعْتُ سَالِماً يحدثُ عن أَبيهِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنه كان إِذا رَمَى الجَمْرَةَ رماها بِسَبْعِ حصياتٍ يُكبرُ مَعَ كلِّ حصاةً، ثُم ينحدرُ أَمامها فيقفُ مستقبلَ القِبلةِ رافعاً يَدَيْهِ يَدْعُو. وكان يُطِيلُ الوقوفَ، ويأْتي الجَمْرَة الثانيةَ فَيَرْمِيهَا بِسَبعِ حصياتٍ يُكبرُ كُلَّما رَمَى بحصاة، ثُم ينحدرُ ذاتَ اليسارِ مما يلي الوادي فيقفُ مستقبلَ البيتَ رافعاً يَدَيْه يَدْعُو، ثُم يأْتي الجَمْرَة عند العَقَبة فَيَرْمِيها بِسَبْع حصياتٍ يُكَبِّرُ كُلَّما رَمَاها بحصاةٍ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ ولا يَقِفُ عندها.

ولا يجوزُ الرَّميُ قبل طلوع الفَجْرِ الثاني عندنا، وهو قول مالك. وأَجازه الشافعيُّ لقولِ ابن عباس: إِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ للرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا لَيلاً. رواه ابن أَبي شيبةَ في «مسنده»، والطبراني في «مُعْجَمه»، ورواه الدارقُطَنِيّ بِسَنَدٍ ضعيفٍ من حديث ابن عُمر وزاد فيه: وأَيَّة ساعةٍ شَاؤوا مِنَ النهارِ.

ولنا ما في السُّنَن الأَربعةِ عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُقَدِّمُ ضُعَفَاءَ أَهلِهِ بِغَلَس (١) ، ويَأْمُرُهُم أَنْ لا يَرْمُوا الجَمْرَةَ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وفي «مُسْنَدِ البَزَّارِ» عن الفَضْلِ بن عباس: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ ضَعَفَةَ بني هاشم أَنْ يَرْتَحِلُوا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ ويقول: «أُبَيْنِيَّ (٢) ، لا تَرْمُوا الجمرةَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ».


(١) تقدم شرحه ص: ٦٥٩، تعليق (٢).
(٢) في مسند البزَّار "البحر الزخّار" ٦/ ٩٧، "فيقول: أبني، أو: أُبَيْنِيَّ، لا ترموا … "،. قال مُلّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (٣: ٢٢٥): أُبَيْنِيَّ: بضم الهمزة، وفتح الموحّدة، وسكون الياء، وكسر النون، وفتح الياء المشدّدة، وتُكسر: تصغير (ابن)، مضاف إلى النفس … والمراد: يا وُلَيداتي، أو: يا أبنائي، أو: يا بَنِيّ. انتهى باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>