للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ طَافَ للصَّدَرِ سَبْعَةً بِلا رَمَلٍ وسَعْيٍ

===

عنده المَقْبرة والجبل الذي يقابل مصعداً في الجانب الأَيسر وأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلى مِنَى مرتفعاً عن بطن الوادي، وليست المَقْبَرَةُ من المُحَصَّب.

وسُنَّ أَنْ يُصَلِّي فيه الظُّهْرَ، والعَصْرَ، والمَغْرِبَ، والعِشَاءَ، ويَهْجَعُ هَجْعَةً (١) ، ثُمَّ يَدْخُل مكةَ، لما في البخاري عن أَنس: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظهرَ والعَصْرَ، والمَغْرِبَ، والعِشَاءَ، ورَقَدَ رقدةً بالمُحَصَّبِ، ثُم رَكِبَ إِلى البيت فَطَافَ به ـ أَي طوافَ الوَدَاع ـ. قال شمس الأَئمة في «مَبْسُوطه»: وكان ابنُ عباس يقول: ليس النزولُ فيه سنة (ولكنّه موضعٌ نَزَلَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِتفاقاً، وبه قال الشافعي. الأَصح عندنا أَنه سنّة، وأَنه عليه الصلاة والسلام نزله قصداً. له ما في الكتب الستة من حديث عائشة قالت: إِنَّما نزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المُحَصَّب ليكون أَسمحَ لخروجه، وليس بسُنَّة) (٢) فَمَنْ شَاء نزله ومَنْ شاء لم ينزله. وفي مُسْلِمٍ عن أَبي رافع ـ مَوْلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قال: لم يَأْمُرْني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ أَنْزِلَ الأَبْطَحَ حين خرج مِنْ مِنَىً، ولكن جِئْتُ فَضَربْتُ قُبَّتَه، فَجَاء فنَزَلَ. قال أَبو بكر: وكان عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

ولنا ما في الصحيحين عن أَبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ونحن بِمِنىً: «نَحْنُ نازلون غداً بخَيْفِ بني كِنانَةَ حيثُ تَقَاسَمُوا (٣) على الكُفْر». وذلك أَنْ قريشاً وبني كنانة تَحَالَفَتْ على بني هاشم وبني المطلب: أَنْ (٤) لا يُنْكِحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إِليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني بذلك المُحَصَّب ـ. وفي مسلم من حديث نافع عن ابن عمر: أَنه كان يرى التَّحْصِيبَ سُنَّةً، وكان يُصَلِّي الظُّهرَ يومَ النَّفر بالمحصَّب. قال نافع: قد حَصَّبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده. والأَظهر أَنْ يُقال: إِنه سُنَّةُ كِفاية، لأَن ذلك المَوْضِعَ لا يسع الحاج جميعهم، وينبغي لأُمراء الحاج أَنْ ينزلوا فيه، وكذا غيرِهم، ولو ساعةً إِظهاراً للطاعة.

(ثُمَّ طَافَ للصَّدَرِ) عن البيت، وهو طوافُ الوَدَاع، ويُسْتَحب أَنْ يجعله آخِرَ طوافه (سَبْعَةً بِلا رَمَلٍ وسَعْيٍ) وهو واجبٌ على الآفاقي عندنا، وعند الشافعيِّ في الأَصح عنه. وقال مالك: هو سُنَّةٌ، لأَنه بمنزلةِ طواف القُدُوم. ولنا ما في الصحيحين


(١) الهَجْعَةُ: النَّوْمَة الخفيفةُ في أوَّلِ اللَّيْل. معجم لغة الفقهاء ص: ٤٩٣.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.
(٣) تقاسَمُوا: من القَسَم: اليمين، أي تحالفوا. النهاية: ٤/ ٦٢ - ٦٣.
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>