للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

القارِنُ أَفعالَ العُمرةِ على أَفعالِ الحج، لأَن الله تعالى ذَكَرهُ في قوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بالعُمْرَةِ إِلى الحَجِّ} (١) بعد حَرْف الغاية المُقْتَضِي (لانتهاء) (٢) ما قبله بما بعده. فإِن قيل: الآيةُ في التمتع، أُجيب بأَن القِرانَ بمعناه، فأُلْحِقَ به في مقتضاه، لأَن كُلاًّ منهما تَرَفُّقٌ بأَداءِ النُّسُكَيْنِ في سفرٍ واحدٍ.

وقال مالك والشافعي وأَحمد: يطوفُ القارنُ طوافاً واحداً عن عُمرته وقُدوم حَجِّه، ويَسْعى سَعْياً واحداً عن عُمرته وحجّه، لما في حالصحيحينخ عن نَافِع عن ابن عمر: أَنه أَراد الحجَّ عامَ نزل الحَجَّاجُ بابن الزبير فَقِيل له: إِنَّ الناسَ كائن بينهم قِتالٌ وإِنَّا نخافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رسولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (٣) ، إِذاً أَصنعُ كما صنعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أُشْهِدُكُم أَني قد أَوْجَبْتُ عُمرةً، ثُم خرجَ حتى إِذا كانَ بظاهرِ البَيْدَاءِ وقال: ما شأْنُ الحجِّ والعُمرةِ إِلاَّ واحدٌ، أُشْهِدُكُم أَنِّي قد أَوْجَبْتُ حَجَّاً مع عُمرتي، وأهْدَى هَدْياً اشتراه بِقُدَيْد: وهو ـ مُصَغر ـ مَوْضِعٌ بينَ مَكَّةَ والمدينةِ، ولم ينحر ولم يحلل مِنْ شيءٍ حُرم منه، ولم يحلِقْ ولم يُقَصِّر حتى كان يومُ النَّحر، فنحر وحلق ورَأَى أَنْ قد قَضَى طوافَ الحجِّ والعُمرةِ بطوافِهِ الأَول. فقال ابن عمر: كذلك فَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

ولقوله صلى الله عليه وسلم «هذه عمرةٌ اسْتَمْتَعْنَا بها، فَمَنْ لم يَكُنْ عِنْدَهُ هَدْيٌ (فليحل) (٤) الحِلَّ كُلَّهُ، وقد دخلت العُمرةُ في الحجِّ إِلى يومِ القيامةِ». رواه مسلم، وأَبو داود، والنَّسائي. ولقوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَحْرَم بالحجِّ والعُمرةِ أَجزأَه طوافٌ واحدٌ، وسَعْيٌ واحِدٌ». رواه الترمذي وقال: حسن غريب. ولقول ابن عباس: لَمْ يَطُفِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وأَصحابُهُ بين الصَّفَا والمروةِ إِلاَّ طَوَافاً واحداً لِعُمْرتِهِم وحَجِّهم. رواه ابن ماجه.

ولنا ما رواه النَّسائي في «السُّنن الكبرى» من حديث حَمَّاد بن عبد الرحمن الأَنصاري، عن إِبراهيم بن محمد بن الحَنَفية قال: طُفْتُ مع أَبي وقد جَمع بين الحجِّ والعُمرةِ، فطافَ طوافَيْنِ وسَعَى سَعْيَيْنِ، وحَدَّثني أَنَّ عَلِيَّاً فعل كذلك، وحَدَّثه أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَل ذلك. فإِنَّ حمَّاد بن عبد الرحمن هذا ضَعَّفَه الأَزديُّ.


(١) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).
(٢) في المطبوع: لانتفاء، وما أثبتناه من المخطوط، وهو الصواب.
(٣) سورة الأحزاب، الآية: (٢١).
(٤) في المطبوع: فليحلل، وما أثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>