للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهُوَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وعُمْرَةٍ مِنْ ميقَاتٍ مَعَاً، ويَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ إِلى آخِرِهِ. وطَافَ للعُمْرَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يَرْمُلُ للثلَاثَة الأوَلِ ويَسعَى، ثُمَّ يَحُجُّ كَمَا مَرَّ

===

لَبَّى بهما فسمعه قومٌ آخرون، فعلموا أَنه قارنٌ. فكُلٌّ نقل ما وقع عنده. والله أَعلم. وأَمَّا قولُ صاحِب «الهداية» خلافاً للشافعي لقولِهِ عليه الصلاة والسلام: «القران رخصة» فغيرُ معروفٍ. نعم، أَخرَجه الدَّارَقُطْنِيّ عن عائشةَ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها في عمرتِها التي اعتمرَتْها: «إِنَّما أَجْرُك في عُمرتك على قَدْرِ نَصَبك».

(وهُوَ) أَي القِران لغةً: الجَمْعُ، مَصْدر قَرَنَ (بين) (١) الشيئين نحو كَتَبَ كِتاباً. وشرعاً: (أَنْ يُهِلَّ) أَي يُحْرم (بِحَجَ وعُمْرَةٍ مِنْ ميقَاتٍ) مِنْ المواقيت، ولم يُرِد به الاحترازَ عن أَنْ يهل بعمرةٍ وحَجَ قبل الميقاتِ أَوْ بعده، فإِنَّ الآفاقِي إِذا أَهَلَّ بهما قبل الميقات أَوْ بعده ـ ولو بمكة ـ يكونُ قارناً لكنه مسيءٌ، وإِنما أَراد به بيانَ أَنَّ القارن لا يكون إِلاَّ آفاقياً ولو تقديراً، وكذا لم يُرد بقوله (مَعَاً) الاحتراز، وإِنَّما أَرادَ به بيانَ الأَوْلَى والأَصل، حتى لو أَحْرَمَ بعمرةٍ من الميقات، ثُم أَحْرَمَ بحجَّةٍ قَبْلَ أَنْ يطوفَ أَرْبعةَ أَشواطٍ من العمرةِ، أَوْ أَحْرَمَ مِنْ الميقات بِحجةٍ، ثُم أَحْرَمَ بعمرةٍ قَبْلَ أَنْ يطوفَ كانَ قَارِناً، وهو قول الشافعي لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَدَاعِ.

(ويَقُولُ) عَقِيبَ صلاةِ سُنَّةِ الإِحْرامِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ الحَجَّ والعُمْرَةَ) وفي نسخة بتقديم العمرة وهو أَوْلى لِسَبْقِ فعلها (إِلى آخِرِهِ) أَي فَيَسِّرْهُما لي وتقبلهما منِّي. (وطَافَ للعُمْرَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ) مُضْطبِعَاً (٢) فيها (يَرْمُلُ (٣) للثلَاثَةِ الأُوَلِ) ويصلي بعد الطواف ركعتيه (ويَسْعَى) بين الصفا والمروة، ويُهَرْوِلُ بين الميلين.

ومِن شرائط صحَّة (٤) القِران أَنْ يطوفَ للعُمرةِ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ في أَشْهُر الحج. لا يتحلّلُ القارِنُ بعد عُمرتِهِ. فلو طاف وقَصَّر كان جنايةً على إِحرام الحج وإِحرام العُمرة، فيجب عليه دَمَانِ، لأَن تَحَلُّلَ القَارِنِ مِنَ العمرة إِنَّما هو يومُ النَّحْر.

(ثُمَّ يَحُجُّ كَمَا مَرَّ) في المُفْرِدِ فيبدأُ بطوافِ القُدوم بلا رَمَلٍ واضطباعٍ إِلاَّ إِذا أَراد تقديمَ سَعْي الحجِّ على وقتِهِ الأَصلي وهو كونهُ بعدَ طوافِ الفَرض. وإِنَّما يُقَدِّمُ


(١) سقط من المطبوع.
(٢) الاضطِباع: بالرِّاءِ يكونُ بإخراجه من تحت الإبط الأيمن وإلقائه على المنكب الأيسر. معجم لغة الفقهاء ص:٧٣.
(٣) الرَّمَل المشى السريع مع هَزِّ الكتفين. معجم لغة الفقهاء ص: ٢٢٧.
(٤) في المطبوع: حَجّةٌ، وما أثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>