للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ في أَوَّلِ طَوَافِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بالحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيةِ، وقَبْلَهُ أَفْضَلُ. وحَجَّ كالمُفْرِدِ وذَبَحَ، وإِنْ عَجَزَ صَامَ كالقَارِنِ،

===

(ويَقْطَعَ التَّلْبِيَةَ في أَوَّلِ طَوَافِهِ) باستلام الحجر الأَسود، ونَحْوهِ مِنْ أَنواعِ شُرُوعِهِ، لا عند مُشَاهَدتِهِ للبيتِ كما قال مالك، وهو مرويٌّ عن عُمَرَ رَضِيَ الله عنه. ولنا ما رواه أَبو داود، وصَحَّحَهُ الترمذي من (حديث عطاء عن) (١) ابن عباس: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُمْسِكُ عن التلبية في العمرة إِذا اسْتَلَمَ الحَجَر.

(ثُمَّ أَحْرَمَ بالحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيةِ) مِنْ الحَرَمِ لأَنه صار مَكِّياً، وميقاتُ المكِّي في الحَجِّ الحَرَم (وقَبْلَهُ) عندنا وعند مالك (أَفْضَلُ) لما فيه مِنَ المسارعةِ إِلى الطاعة. وقال أَصحابُ الشافعيِّ في غَيْر واجدِ الهَدْي: إنَّ المُسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يُحْرِم بالحجِّ قَبْلَ السَّادِس، والأَفْضَل لسائِقِ الهَدْي أَنْ يُحْرِم بالحَجِّ يَوْمَ الترويةِ قَبْل الزَّوال، لما رَوى جابر أَنَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إِذا توجّهتم إِلى مِنَى رائحينَ فأَهِلُّوا بالحَجِّ». وذلك يكونُ يومَ التَّرْوية قبل الزَّوال.

(وحَجَّ كالمُفْرِدِ) ورَمَل في طوافِ الزيارة، لأَنه أَوَّلُ طوافٍ في حَجِّه وسَعَى بعده نفلاً وَرَمَلَ وسَعَى. ولو أَحْرم بالحَجِّ وطَافَ (نفلاً ورَمَل وسعى) (٢) قَبْلَ رَوَاحِهِ إِلى مِنَى لا يَرْمُلُ في طواف الزيارة ولا يَسْعَى بعده (وذَبَحَ) لِمَا ذكرنا في القِرَان، بَلْ هُو النَّص في القرآن.

(وإِنْ عَجَزَ) عن الهَدْي (صَامَ كالقَارِنِ) كمِّيةً وكيفيةً مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بينهما، إِلاَّ أَنَّه إِنْ صامَ الثلاثةَ بعد إِحرامِ العُمْرة ولو قَبْل الطوافِ لها جاز. ولم يُجز مالك والشافعي صومها قبل أَنْ يُحرم بالحجِّ لظاهرِ قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِد فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ في الحَجِّ} (٣) ، ومَنْ صَام قبل أَنْ يُحْرِم بالحج لا يكونُ صومُه في الحج.

ولنا أَنه أَدَّاه بعد انعقادِ سَبَبِهِ، وهو الإِحرامُ بالعُمْرةِ، لأَن تَحَقُّقَ سببِ الهَدْي إِنَّما هو بإِدْخَالِ العُمرةِ على الحَجِّ في أَشْهُره، لا بِشُرُوعِهِ في الحجِّ، فيجوزُ الصَّوْمُ بعد انعقاد السبب، كجواز التَّكْفِير بعد جَرْحِ الصَّيْدِ قَبْلَ مَوْتِه. والمراد بالحج المذكور في النَّص وَقْتُه، لأَن نفسه لا يَصْلُحُ ظَرْفاً، لأَنه عِبارةٌ عن الأَفْعَال، والفِعْل لا


(١) سقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>