للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ابن المُسَيَّب، وعطاء، وطَاوُس، ومجاهد، والنَّخَعي: أَنَّ المتمتعَ إِذا رَجَعَ إِلى أَهْله بعد العُمرةِ بَطَلَ تَمَتُّعُهُ. وكذا حكاه الرَّازي في «أَحكام القرآن»، وهو قول مالك والشافعي أَيضاً.

وفي «الأَسرار»: والمكيُّ يعتمر في أَشْهُر الحجّ ولا يُكْرَهُ له (١) ، ولكن (لا) (٢) يدرك فضيلة التمتع، لأَن الإِلمام يَقْطَعُ مُتْعَتَه كما يقطع متعة الآفاقي إِذا رجع بين النُّسُكَيْنِ إِلى أَهْلِهِ. انتهى. وهذا صريحٌ في أَنَّ المكيَّ لو اقتصر على عُمْرَةٍ مُفْردةٍ في أَشهر الحجِّ ولم يَحُجّ في تلك السنةِ لا تكونُ مكروهةً بلا خِلافٍ، ومَنِ ادَّعَى خلافَ ذلك كابنِ الهُمَام فقد أَبْطَلْناه في غير هذا المقام، وبَيَّنَا أَنَّهُ غيرُ مُوافِقٍ للروايةِ ولا للدِّرَايةِ. ومن الأَدلة على ذلك ما رَوَى البيهقيُّ عن مُعَاذَة العَدَوِيَّة، عن عائشةَ قالت: العمرةُ في السَّنةِ كُلِّهَا إِلا أَرْبَعَةَ أَيَّام: يومَ عَرفةَ، ويوم النَّحر، ويومان بعد ذلك. ورَوى الإِمام الأَعظم رحمه اللهُ بإِسنادهِ عن عائشةَ قالت: لا بأْس بالعُمْرَة في أَيِّ شَهْر شِئْت ما خلا خمسةَ أَيام: يوم عرفةَ، ويوم النَّحر، وأَيام التَّشْريقِ.

ثُم الآفاقي إِذا أَتى بِعُمْرةٍ في أَشهر الحَجِّ وتَحَلَّلَ منها، ثُم عادَ إِلى وطنه، ثُم حَجَّ في عَامِهِ بطل تمتعه إِنْ لم يكن ساق معه هدياً، فلا يلزمه دم، لأَنه أَلَمَّ بأَهْلِهِ فيما بين النُّسُكَيْن إِلْماماً صَحِيحاً، وبذلك يَبْطُل التمتعُ، كذا رُوي عن عمر وابنه وابن عباس. وقد ذكرنا مَنْ تَبِعَهُم من التابِعِين، وهذا لأَن حَدَّ التمتع ليس بصادقٍ عليه حيث أَنْشَأَ لكل نسك سَفَراً من أَهله، والمتمتع مَنْ يترفق بأَداء النسكين في سَفَرٍ واحدٍ. وإِنْ ساقَ الهدي، أَوْ أَخَّرَ الحلق، أَوْ ترَكَ أَربعةَ أَشواطٍ من الطواف لم يبطل تمتعه عندنا، خلافاً لمالك والشافعيّ ومحمد، لأَنه لم يجمع بين النسكين في سفرٍ واحدٍ (لانتهاء) (٣) سفره الأَول بإِلْمَامِهِ (٤) بأَهْله.

ولأَبي حنيفة وأَبي يوسف: أَنَّ إِلْمَامَه بأَهْلِه ليس بإِلْمَامٍ صَحِيحٍ لبقاءِ إِحْرَامه، لأَنَّ سَوْقَ الهَدْي يمنعه من التحلل، والعودُ ليحلِقَ في الحرم وليأْتيَ بالطواف واجبٌ عليه، فجرى وجود هذا السَّفَر مجرى عدمه لعدم استحكامه، فكأَنه لم يزل بمكةَ إِلى


(١) في المطبوع: ولا يمكن التمتع، وما أثبتناه من المخطوط، وهو الصواب. انظر "إرشاد الساري إلى مناسدً الملا علي القاري" ص ١٨٢.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع: لانتفاء، وما أثبتناه من المخطوط.
(٤) تقدم شرحها ص: ٦٨٥، تعليق رقم (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>