للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوِ ادَّهَنَ،

===

الوردِ، وكَفَ من الغالية (١) ، وما استكثره الناسُ مِنْ المسك.

وفي «المحيط»: وإِلى كلِّ قولٍ أَشَار محمدٌ، والصحيح إِنْ كان الطيبُ قَليلاً فالعبرةُ بالعُضْو لا بالطيب، وإِنْ كانَ الطِّيبُ كثيراً فالعبرة بالطيبِ لا بالعضو. ولو طَيَّب في مجلسٍ واحدٍ جميعَ أَعضائه، فعليه دَمٌ وَاحِدٌ لاتحاد المجلس (٢) ، وإِنْ كان في مجالس، فَلِكل طِيبٍ دَمٌ على حِدَة، كَفَّرَ للأُولى أَوْ لا عندهما. وقال محمد: عليه كفارةٌ واحدةٌ ما لم يُكَفِّر للأُولى.

ولو كان الطِّيبُ في أَكثر مِنْ عُضْوٍ يُجْمَع، فإِنْ بلغ عُضْواً فعليه دَمٌ. ولو شَمَّ طِيباً، أَوْ دخل بيتاً مُجَمَّراً فَعَلِقَ بثوبهِ رائحةٌ فلا شيءَ عليه، ويُكْرَهُ له شَمُّه قَصْداً. كما رُوي عن عمر (وجابر) (٣) : كان ابن عباس لا يرى به بأْساً. وسُئِل عثمانُ عن المُحْرِم يدخل البستان قال: نعم، ويَشَمُّ الريحان. وأَوجب مالك والشافعيُّ الدَّمَ عليه.

ولو أَكل الزَّعفران وحدَه فعليه دَمٌ إِنْ كان كثيراً، وهو بحيث يلتزق به أَكثر فَمِه، وإِلاَّ فَصَدَقَةٌ عند أَبي حنيفةَ. وعندهما لا شيءَ عليه، لأَنَّ الزَّعْفَران يُستعمل في الأَطْعمة فالتَحَقَ بها. ولأَبي حنيفةَ أَنه طِيبٌ حقيقةً، ولا تسقط هذه الحقيقةُ إِلاَّ لضرورة التبعية للطعام، بأَنْ كان في طعام مسّته النار أَوْ لم تَمَسَّه. ولو طَيَّبَ رُبُعَ عُضْوٍ يَلْزَمُه صدقةٌ في ظاهر الرواية، وقيل: (يلزمه) (٤) دمٌ اعتباراً بالحلق.

وفي «الهداية»: فإن خَضَب رأْسه بِحِنَّاء فعليه دَمٌ لقوله صلى الله عليه وسلم «الحِنَّاءُ طِيبٌ». أَخرجه النَّسائي، والطبراني، والبيهقي، ولفظه عن خَوَلَة بنت حَكِيم عن أُمِّها: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُطَيِّبِي وأَنْتِ مُحْرِمَةٌ، ولا تَمَسِّي الحنّاء فإِنه طِيبٌ».

(أَوِ ادَّهَنَ) ـ بتشديد الدال ـ أَي تَدَهَّنَ بِدُهْنٍ فيه طِيبٌ، كدُهْن البنفسج والورد والياسمين والبَان (٥) ، لَزِمه دَمٌ إِجْمَاعَاً. وفي «المحيط»: لو ادَّهَنَ بشحمٍ أَوْ سمنٍ، فلا شيء عليه إِجماعاً، لأَنه ليس بِطِيبٍ أَصلاً. ولو دهن شقاق رجليه بزيت أَوْ


(١) الغالية: نوعٌ من الطِّيب، مُرَكَّب من مِسكٍ، وعنبر وعودٍ ودُهْنٍ. معجم لغة الفقهاء ص: ٣٢٨.
(٢) في المطبوع والمخطوط: لاتحاد الجنس، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه من "الدر المختار" حيث قال: والبدن كله كعضو واحدٍ إن اتحد المجلس، وإلا فلكل طيبٍ كفارةٌ. ٢/ ٢٠١، "رد المحتار".
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) البان: شجر، لحبِّ ثمره دُهن طيب. القاموس المحيط ص: ١٥٢٥، مادة (البون).

<<  <  ج: ص:  >  >>