للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَبِسَ مَخِيطاً، أَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ يَوْماً كَامِلاً،

===

داوى به جراحة، فلا شيء عليه (إِجماعاً) (١) ، لأَن الزيت طِيبٌ من وجه، وليس بطيبٍ حقيقةً، فإِذا استعمل على وجه التَّطيّب لزمه الدَّمُ، ولو استعمل لإِصلاح البدن لا يلزمه شيءٌ، توفيراً على الشَّبَهَيْنِ حقهما.

(أَوْ لَبِسَ مَخِيطاً) ولو متعدداً في مجلس واحدٍ: بقميصٍ وقَلَنْسُوَة، وعِمَامة، وقَباء (٢) وسراويل، لأَن جنس الجناية واحدٌ والمقصود واحدٌ، وهو الاستمتاع بلبسِ المخيط كحلق رأْسه كله، فصارت كجنايةٍ واحدةٍ.

(أَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ) أَي غَطَّاه (يَوْماً كَامِلاً) أَوْ ليلةً كاملة، وهو ظرف للفِعْلَين (٣) ، لأَنَّ الارتفاق (٤) الكامل في اللبس وستر الرأْس يدفع الحر والبرد، وذلك بيَوْمٍ كاملٍ. قال أَبو يوسف وهو قول أَبي حنيفة أَولاً: أَكْثرُ اليومِ كاليَوْمِ.

وفي «المحيط»: ولو غطَّى ربع رأسه يوماً أو أكثر، فعليه دمٌ، وفي الأَقل صدقةٌ عندنا، لا دَمٌ كما قال مالك والشافعيُّ، واحتجَّا بأَنه محظورُ الإِحرام وقد ارتكبه، فيجِبُ عليه الدَمُّ بنفسه لا بامتدادِه كسائر محظوراتِ الإِحرامِ.

وفي «شرح الطحاوي»: ولو لبس المُحْرم المَخِيط أَياماً ولم ينزعه ليلاً ونهاراً، فعليه دَمٌ واحِدٌ، فإِنْ ذبح ثُم استمر على اللبس يوماً كاملاً فعليه دَمٌ آخَرُ، لأَن الدوام كالابتداء. ولو اضطر المُحْرم إِلى ثوبٍ واحدٍ فلبس ثوبين: فإِنْ لبسهما على مَوْضع الضرورة لم يجب إِلاَّ دَمٌ واحدٌ على سبيل التخيير، كمَن اضطر إِلى لبس قميصٍ، فلَبِس قميصين أَوْ قميصاً وجُبَّةً. وإِنْ لَبِس أَحدهما على موضع الضرورة والآخر على غيره، كمَن اضطر إِلى لُبْسِ قَلَنْسُوة، فلبس قَلَنْسُوةً وقميصاً، فعليه دَمٌ (مُحَتَّمٌ) (٥) للبسه ما لا يحتاج إِليه. ويُخيَّرُ بَيْن الدَّم، والإِطعام، والصيام لِلبسه ما يحتاج إِليه.

ولو كان يَلْبَسُ المخيط بالنهار ويَنْزِعُه بالليل للنوم من غير أَنْ يعزم على تَرْكه، فعليه دمٌ واحدٌ بالإِجماع. وإِن نَزَعَهُ على عزم الترك ثُم لبسه، فإِنْ كَفَّرَ للأُولى، فعليه


(١) سقط من المطبوع.
(٢) القَبَاء: ثوبٌ يُلْبَس فوق الثياب ويتمنطق عليه. معجم لغة الفقهاء ص: ٣٥٥.
(٣) أي: اللَّبس والستر.
(٤) ارتفق: أي انتفع. المُغْرِب، ١/ ٣٣٩، مادة (رفق).
(٥) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>