للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كفارةٌ بالإِجماع، وإِلا فعليه كَفَّارَتَان عندهما، وقال محمد: كفارةٌ واحدةٌ، كذا في «السراج».

وقال ابن الهُمَام: لا فَرْق في لُزُوم الدَّم إِذا أَحْدث اللُّبْس بعد الإِحْرَام، أَوْ أَحْرَم وهو لَابِسٌ فَدَامَ يوماً أَوْ لَيلةً عليه، بخلافِ انتفاعِهِ بعد الإِحرام بالطِّيبِ السابق للنص فيه، ولولاه لأَوْجَبْنا فيه أَيْضاً، ولا في كونِه مختاراً في اللُّبْس أَوْ مُكْرهاً عليه أَوْ نَائِماً، فَغَطى إِنسانٌ رأْسَه لَيْلَةً أَوْ وجهه حتى يجِبُ الجزاء على النائم، لأَن الارتفاق حصل له، وعدم الاختيار أَسْقَطَ الإِثْمَ عنه لا المُوجَبَ. انتهى.

ولا بأْس للمُحْرم أَنْ يُغَطي فاه وأُذُنَيه، ويُكْره أَنْ يُغطي أَنْفَه. ولو غَطَّى ما استرسل مِنْ شعر لِحيتِه لا بأْس به، كذا في «السراج». ويَجُوزُ وضع القَبَاء على مَنكبيه إِذا لم يُدْخِل يديه من كُمَّيه ولا دم عليه، وأَلْزَمه زُفَر ـ كمالك والشافعي ـ بالدَّم، لأَنه ارتفق بِلُبْس القَبَاء ارتفاقاً كاملاً وهو مَخِيط لأَنه قد لَبِسَ هكذا. ولنا أَنه استعمله اسْتِعْمال الرِّداء المطلق (١) للمُحْرم لا المَخِيط، أَلا ترى أَنه يحتاج إِلى التكلف في حِفْظه، والمَخِيط مَلْبوسٌ لا يتكلفُ في حِفْظه، فلم يكن لَابِساً للمَخِيط، فلم يَجِب عليه شيءٌ.

وفي «المبسوط»: ويتوشح المُحْرِم بالثياب ولا يَعْقِد على عنقه، لأَنه إِذا عَقَدَه لا يحتاج في حِفْظه على نَفْسِه إِلى تَكَلُّف، فكان في معنى المَخِيط. وكذلك قالوا: إِذا اتَّزَر لا يَنْبَغِي له أَنْ يَعْقِدَ إِزَاره على نفسه بِحَبْلٍ أَوْ غيره، فقد رُوِي أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأَى رجلاً قد شَدَّ فوق إِزَارَه حَبْلاً فقال: «أَلْقِ ذلك الحَبْلَ، ويلك». وكذلك يكره أَنْ يُخَلِّل رِدَاءَهُ بخِلَال، لأَنه لا يحتاجُ إِلى تَكَلُّف في حِفْظه على نفسه، ولكنه مع هذا لو فَعَل، لا شيءَ عليه، لأَن المحظور عليه الاستمتاع بِلُبْس المخيط ولم يوجد ذلك، ولعل الحِكْمة في نفي الاحتياج إِلى التكلّف في حِفْظه على نَفْسِهِ ليكون مُذَكِّراً له حال إِحْرَامه، ولا يصير غَافِلاً عن مَرَامِهِ وكمال مقامه.

هذا، ويجب الدم عندنا على لَابِس السراويل بلا فتق وإِنْ لم يجد غيره، ونفاه الشافعيُّ، لأَنَّ الستر فَرْضٌ عليه، ولا يسقط هذا الفرض بالإِحرام، والفتق غيرُ واجبٍ


(١) في المطبوع: المطابق، وما أثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>