للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ تَرَكَ القَلِيلَ مِنَ الوَاجِبِ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَ غَيْرِهِ، تَصَدَّقَ بِنِصْفِ صَاعٍ.

===

منها دوْنَ طوافِ الزيارةِ فَيُكْتَفى بالشاة. وهذا كُلُّه على روايةِ القُدُوري، واختارها صاحب «الهداية» ومَنْ تَبِعه. وفي «شَرْح الطحاوي»: إِذا طاف (طواف) (١) اللقاء مُحْدِثاً أَوْ جُنُباً فإِنَّه يُعِيد، وإِنْ لم يَعِد فلا شيء عليه. وفي «مبسوط» شيخ الإِسلام: ليس لطوافِ التحية مُحْدثاً أَوْ جُنُباً شيء، لأَنه لو تَرَكَهُ أَصلاً لم يكن عليه شيءٌ، فكذا إِذا تركه من وجه. قلنا: لا يلزم مِنْ عدم لزوم شيءٍ بِتَرْكِه ـ لكونه سُنَّةً ـ أَنْ لا يلزم شيءٌ بترك الطهارة فيها، لأَنها واجبةٌ في الطواف على الأَصح، فَبِتَرْكها يرتكبُ محظوراً، فيلزمُه الجزاء.

(أَوْ تَرَكَ القَلِيلَ مِنَ الوَاجِبِ) بأَنْ تَرَكَ ثلاثة أَشواط أَوْ أَقل من طوافِ الصَّدَر، أَوْ مِنْ السَّعْي، أَوْ ترك أَقل مِنْ جمرة العَقَبة في يوم النَّحْر، لأَنها فيه نسك كامل، أَوْ ترك أَقَلَّ الجِمار الثلاثِ في يوم بعد يوم النَّحر، لأَن الكل نُسُكٌ وَاحِدٌ فيه فكان المتروكُ أَقل.

(أَوْ حَلَقَ رَأْسَ غَيْرِهِ) بأَمرِهِ، أَوْ بغير أَمْرِه، أَوْ أَخَذَ شَارِبه، أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَه، سواء كان ذلك الغير حَلالاً أَوْ مُحْرِماً. ولعله مأْخوذٌ من عموم قوله تعالى: {ولَا تَحْلِقُوا رُؤوسَكُم} (٢) حيث يشمل (٣) معنى: لا يحلِق بَعْضُكُم رأْس بعض، كقوله تعالى {ولا تَقْتُلوا أَنْفُسَكم} (٤) .

ولو كان الحالق حَلالاً، والمحلوق مُحْرِماً، فعلى الحالق الصدقة لأَنه أَزال ما استحق الأَمْن، كنبات الحَرَم، وعلى المَحْلوق الدَّم. وقيل: ليس على الحالق الحلال شيءٌ. ولا شيء عند الشافعيّ على الحالق المُحْرِم إِذا حلق شخصاً، مُحْرِماً كان أَوْ حلالاً، لاَّن المُحْرِم ممنوعٌ عن إِزالة ما ينمو مِنْ بَدَنِ نَفْسه لما فيه مِنْ معنى الراحة والزينة، ولا يحصل شيءٌ مِنْ ذلك بِحَلْقِهِ رأْسَ غيره، فلا يلزمه به شيءٌ. ويجب عليه دَمٌ عندنا وبه قال مالك على ما في «مواهب الرحمن».

(تَصَدَّقَ) جواب قوله: «وإِنْ فعل أَقل مِمَّا ذكر» وما عطف عليه (بِنِصْفِ صَاعٍ) (٥) مِنْ بُرَ، أَوْ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شعير.


(١) سقط من المطبوعة.
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).
(٣) في المطبوع: فسر، وما أثبتناه من المخطوط.
(٤) سورة النساء، الآية: (٢٩).
(٥) تقدم شرحها ص: ٥٤٤، تعليق رقم (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>