للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِنْ طَيَّبَ عُضْواً، أَو حَلَقَ بِعُذْرٍ، ذَبَحَ شاةً في الحَرَمِ، أَوْ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعِ طَعَامٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ صام ثَلاثَةَ أَيَّامٍ.

===

واعلم أَنَّ كُلَّ موضع يجِب فيه الصدقة المطلقة في الحج، أَوْ العمرة فهي هذه، إِلاَّ ما يجب بِقَتْل جرادةٍ أَوْ قملةٍ أَوْ إِزالَة الشَّعَث، فَفِيها يُطْعِم شيئاً يسيراً، وقد وَرَدَ: «تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادة» (١) ، وإِنَّ تارك (ثلاثة) (٢) أَشواط مِنْ طوافِ الصَّدَرِ أَوْ السَّعْي، وتارك أَقل جَمْرَةِ العَقَبة في يوم النَّحْرِ أَوْ أَقل الجِمار الثلاث في يومٍ بعده، يجب عليه لِكُلِّ شَوْطٍ أَوْ رميةٍ صَدَقَةٌ، إِلاَّ أَنْ يَصِيرَ مجموعُ الصدقاتِ بمنزلةِ دَمٍ فَيُنْقِصُ منه ما شاء إِنْ شاء.

(وإِنْ طَيَّبَ عُضْواً) كاملاً، أَوْ قَصَّ أَظْفَارَه، أَوْ لَبِسَ المَخِيط قَدْر يوم (أَوْ حَلَقَ بِعُذْرٍ، ذَبَحَ شاةً في الحَرَمِ) فيه إِشارةٌ إِلى أَنْ الواجب عليه الذَّبْحُ في الحرم لا غيرُ، فلو سُرِقت بعد الذَّبْحِ أَوْ هلكت بآفةٍ بَعْدَه لا يَجِبُ عليه شيءٌ. (أَوْ تَصَدَّقَ) في أَي مَوْضِع شاء (بِثَلَاثَةِ أَصْوُعِ طَعَامٍ) بإِضافة أَصْوُع، وهو بفتح الهمزة وضم الصاد وسكون الواو (٣) ، جَمْع صاع (عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ) كل مِسْكين نِصْف صاع من بُرِّ، أَوْ دقيق. ويُستحب أَنْ يتصدق على مَساكين الحَرَم.

(أَوْ صام) ولو كان مُوسَراً، لكن بتبييتِ النية وتعيينها (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) في أَي موضع شاء ولو مُتَفَرِّقَةً، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذَىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (٤) ، وكلمة «أَوْ» للتخيير، وفَسَّرها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ففي «صحيح البخاري» من حديث عبد الرحمن بن أَبي ليلى، عن كَعْب بن عُجْرَة أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال له: «لعلك آذَاك هَوَامُّك» (٥) ، قال: نعم يا رسولَ الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «احلق رَأْسَكَ، وصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّام، أَوْ أَطْعِم سِتَّةَ مَسَاكينَ، أَوْ انْسُك بشاةٍ».


(١) أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" موقوفًا على عمر ١/ ٤١٦، كتاب الحج (٢٠)، باب فدية من أصاب شيئًا من الجراد وهو محرم (٧٧)، رقم (٢٣٦). وانظر "نصب الراية" ٣/ ١٣٧.
(٢) سقط من المطبوعة.
(٣) كذا في الأصل، وهو مخالف لما في كتب اللغة حيث ضبطت فيها بفتح الهمزة وسكون الصاد وضم الواو. فلعله تقديم وتأخير من النساخ.
(٤) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).
(٥) الهَوَامّ: بتشديد الميم جمع هامة، وهي ما يَدُبُّ من الأَخشاش - وهي ما لا دماغ له من دوابّ الأرض ومن الطير. القاموس المحيط ص: ٧٦٢ - والمراد بها ما يلازم جسد الإِنسان غالبًا إِذا طال عهده بالتنطف، وقد عُيِّن في كثير من الروايات أنها القَمْل. فتح الباري: ٤/ ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>