للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِنْ نَقَصَهُ يَجِبُ ما نَقَصَ مِنْه.

===

وفي «سُنن أَبي داود» عن جابر بن عبد الله قال: سأَلتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الضَّبُعِ، أَصَيْدٌ هي؟ قال: «نعم، يُجْعَلُ فيه كَبْشٌ».

والحاصل أَنَّهُمْ يَنْظرونَ إِلى النَّظِير إِنْ كان الصيدُ مِمَّا له نَظِيرٌ من حيثُ الخِلْقَةُ، سواءٌ كانت قيمةُ نَظِيرهِ مِثْلَ قيمتِهِ أَوْ أَقل، أَوْ أَكثر، ولا ينظرون إِلى القيمة. وعندهما لا يَجوزُ النظير إِلاَّ أَنْ تكونَ قيمتُهُ مساويةً لقيمة المقتول، وحَمَلا ما ورد عن الصحابةِ على مثل هذا. وقالا: إِيجاب الصحابة لهذه النظائرِ لا باعتبارِ أَعْيَانِها بل باعتبار القيمة، إِلاَّ أَنَّهم كانوا أَربابَ المواشي فكان ذلك أَيْسرَ عليهم من النقود. وهو نَظِيرُ ما قال عليٌّ كرَّمَ اللهُ وجهه: في ولد المَغْرُورِ يُفَكّ (١) الغلام بالغلام، والجارية بالجاريةِ». والمرادُ القيمةُ. ثُم الجزاءُ واجِبٌ على التخيير المذكور لأَن حقيقة «أَوْ» في الآيةِ لأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ بلا ترتيب، فلا يُعْدَل عنه. وحَمَلها زُفَرُ على الترتيبِ، فأَوْجَبَ الهَدْيَ أَوَّلاً، ثُم الإِطعام، ثُم الصِّيام، لأَنَّ الترتيب هو الملائم لحال الجاني إِذْ في التخيير نوعُ تخفيفٍ وهو لا يَسْتَحِقُّ، وكلمة «أَوْ» لا تَنْفي الترتيب كما في آية قُطَّاع الطريق. والله ولي التوفيق.

(وإِنْ نَقَصَهُ) أَي إِنْ نَقَصَ المُحْرِمُ الصيدَ، بِأَنْ جَرَحَهُ أَوْ قَطَعَ عُضْوَه، أَوْ جَذَّ شَعْره، أَوْ نَتَفَ رِيشَه، ولو لَمْ يُخْرِجْه عن حَيِّزِ الامتناع (يَجِبُ) مِنْ قيمته (ما نَقَصَ مِنْه) اعتباراً للجُزءِ بالكُلِّ كما في حقوق العباد، وهذا إِذا بَرَأَ الصيدُ وبَقِيَ فيه أَثَرُ الجِنايةِ. وأَمَّا إِذا لم يَبْقَ فيه أَثَرُهَا، فلا ضمانَ عليه لِزَوَالِ المُوجِب. وقال أَبو يوسف: يلزمه الصدقة للأَلم، ولو ماتَ الصَّيْدُ بعدما جَرَحه ضَمِن كُلَّه، لأَن جُرْحه سَببٌ ظَاهِرٌ لِموتِهِ، (فيُحَالُ) (٢) به عليه، ولو غاب الصَّيْدُ ولم يُعلم بهِ مَوْتُه أَوْ بُرْؤُه، ضَمِنَ نُقْصانَه فقط في القياس، لأَن ضمانَ جَمِيعِه مَشْكُوكٌ فيه. وفي الاستحسان يَلْزَمُه جميعُ القيمةِ احتياطاً، كَمَنْ أَخْرَجَ صَيْداً مِنْ الحَرَمِ ثُمَّ أَرْسله ولا يَعْلَمُ أَدخل الحَرَم أَوْ


(١) حرفت العبارة في المطبوعة إلى: في ولد المعز جزور، ولا يملك … والصواب ما أثبتناه من المخطوط، و"المبسوط" للسرخسي ٤/ ٨٣، و"الكفاية شرح الهداية" ٣/ ١١. طبعت مع "فتح القدير". و"البناية في شرح الهداية" ٣/ ٧٣٨ والمغرور هو: مَن تزوَّج امرأة على أنها حُرَّة، ثم تبيَّن له أنها أَمَةٌ، فهو مغرورٌ لكونه غُرِّر به. وولد المغرور هو: ولدُه من زوجته التي تبين أنها أمة بعدما وَلَدَتْ له. فالولد يتبع أُمَّهُ رقًّا وحرّيَّة، لذا كان ولده عبدًا تبعًا لأُمِّه. وانظر تفصيل المسألة في "الاختيار لتعليل المختار" ٤/ ٢٢.
(٢) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>