للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شَيءَ بِقَتْلِ غُرَابٍ، وحِدَأَةٍ، وعَقْرَبٍ، وحَيَّةٍ، وفَأْرَةٍ، وكَلْبٍ عَقُورٍ،

===

«الجرادُ نَثْرَهُ الحوتِ مفي البَحْر» ـ أَي عَطْسَتُه ـ. والمراد أَنَّ الجرادَ مِنْ صَيْدِ البحْرِ يَحِلُّ للمُحْرِم صَيْدُه. وبه قال أَبو سعيدٍ الخُدْرِي، فإِنَّه قال: لا جزاءَ فيه. وحكاه ابنُ المُنْذِر عن كعب الأَحبار، وعروةَ بن الزبيرِ، فإِنَّهم قالوا: هو مِنْ صَيْدِ البحرِ لا جزاءَ فيه.

واحتجّ لهم بحديثِ أَبي المُهَزِّم عن أَبي هريرةَ قال: أَصَبْنا ضَرْباً مِنَ الجراد (١) ، فكان رَجُلٌ يَضْربُ بسوطٍ وهو مُحْرِمٌ، فقيل: إِنَّ هذا لا يصلح، فَذُكِر للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: «إِنَّما هو مِنْ صَيْدِ البَحْر». رواه أَبو داود والترمذي وغيرهما. واتّفقوا على تَضْعِيفِهِ بِضَعْفِ أَبي المُهَزِّم، ثُم قال: والصحيح أَنَّهُ بَرِّي، لأَن المُحْرِم يجب عليه الجزاءُ إِذا أَتْلَفه عندنا، وبه قال عمرُ، وعثمانُ، وابن عمرَ، وابن عباس، وعطاء. قال العبدي: وهو قول أَهل العِلْم كافةً إِلاَّ أَبا سعيد الخُدْري. فقيل: حديثُ أَبي داود والترمذي مَنْسُوخٌ أَوْ غَيْرُ ثابتٍ، أَوْ مُؤَوَّل بأَنه مِثْلُ صيدِ البَحْرِ مِنْ حيث عدمُ الاحتياج إِلى ذَبْحٍ مِثْلِهِ.

(ولا شَيءَ بِقَتْلِ غُرَابٍ) في الحرم والإِحرام، وهو الغُراب الأَبقع الذي يأْكلُ الجَيفَ دون ما يأْكل الزَّرْع. والأَبْقَع: ما خالط بياضَهُ لونٌ آخَرُ (وحِدَأَةٍ) (٢) دُوَيْبَّة على وزن عِنَبَة (وعَقْرَبٍ وحَيَّةٍ وفَأْرَةٍ) سواء كانت أَهليةً أَوْ وحشيةً (وكَلْبٍ عَقُورٍ) وهو المعروف عند الناس. وبه قال الأَوْزَاعِيُّ، وألحقوا به الذئب.

قال ابن الهُمَام: اسم الكلب يتناول السِّباع بأَسْرِها، يدلُّ عليه أَنَّه صلى الله عليه وسلم قال داعِياً على عُتْبَةَ بن أَبي لَهَب: «اللهم سَلِّط عليه كَلْباً مِنْ كلابِك، فافْتَرَسه سَبُعٌ ـ أَي أَسد ـ». وقيل: الكَلْبُ العقور: يُقال لِكُلِّ عَاقِر حتى اللصّ المقاتل. وقيل: المراد به الذئب، وقيل: الأَسد. وعن أَبي حنيفةَ أَنَّ العَقُور وغَيْرَ العقورِ والمستأْنس والمتوحش سواءٌ في عَدم لزومِ الجزاء، لأَنَّ المُعْتَبَرَ في ذلك الجِنْسُ لا الوصفُ، إِلاَّ أَنَّ الكلب الأَهْلِي (٣) إِذا لم يكن مؤذياً لا يحل قَتْلُه، لأَنَّ الأَمْرَ بِقَتْل الكلاب قد نُسِخ فيقيدُ القَتْل بوجودِ الإِيذاء.

رَوى مسلمٌ والبخاري من حديث عائشةَ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خَمْسُ


(١) في المطبوع: جرادًا، وما أثبتناه من المخطوط.
(٢) الحِدَأَة: طائِرٌ من الجوارح ينْقَضُّ على الجُرْذَانِ والدَّواجن والأطعمة ونحوها. المعجم الوسيط ص: ١٥٩، مادة (حَدَأ).
(٣) في المطبوعة: العقور، وما أثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>