للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

مضمونٌ في الأَصل حقّاً لِنَفْسِهِ بالآدميةِ لا للمولى، لأَنه مُكَلَّفٌ كسائرِ المُكَلَّفِين، أَلَا تَرَى أَنَّه لو ارتدَّ أَوْ قَتَل يُقْتَل. وإِذا كان ضمانُ نَفْسه في الأَصل له سَقَطَ بِمُبيح جاء مِنْ قِبَلِه ـ وهو المحاربة (١) ـ وماليةُ المولى فيه وإِنْ كانَتْ مَتَقَوِّمةً مضمونةً له، فهي تَبَعٌ بِضَمَانِ النَّفْس، فيسقط التَّبَعُ في ضِمْن سُقُوطِ الأَصْل. انتهى.

وفي «مواهب الرحمن»: نُوجبُ نَحْنُ ومالك الجَزَاءَ بِقَتْل السِّباع في ظاهر الرواية، إِذْ كُلُّها صُيُودٌ. وعن أَبي يُوسُف أَنَّ الأَسَدَ كالكَلْبِ العَقُورِ، وكذا الذئب. وفي «البدائع» تَصْرِيحٌ بِحِلِّ قَتْل الأَسد، والفَهْد، والنَّمِر. أَقول: ويمكنُ الجمع بالحمل على العادي وغَيْرهِ. ولم يُوجِب الشافعيُّ في السِّباع مُطلقاً، لأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّما استثنى الخَمْسَ، لأَن مِنْ طَبْعِها الأَذى، فَكُلُّ ما يكونُ من طبعه الأَذَى فهو بمنزلةِ الخَمْسِ مُسْتَثْنَى مِنْ نَصِّ التَّحْرِيم. فصار كأَنَّ الله تعالى قال: لا تَقْتُلوا غيرَ المؤذي من الصُّيودِ. وأُجِيب بأَنَّ ما سوى الخمس في معنى الإِيذاء دون الخَمْسِ، لأَنَّ الخَمْسَ مِنْ طَبْعها البدايةُ بالأَذَى، وما سواها لا يؤذي إِلاَّ أَنْ يُؤْذَى، فلم يكن في معنى المنصوص لِيُلْحَقَ به.

ثُم لا يتجاوز جزاءُ غَيْرِ المأْكولِ شاةً، وأَوجبَ زُفَرُ قيمتَهُ ـ بالِغَةً مَا بَلَغَتْ ـ اعتباراً بمأْكولِ اللَّحم، فإِنَّ الواجِبَ لحقِّ اللهِ تعالى مُعتبرٌ بالواجبِ لِحَقِّ العباد، وهناك لا فرق بين مأْكول اللحم وغيره، فههنا لا فَرْقَ بينهما أَيضاً، فإِمَّا أَنْ يُقالَ تجِب القيمةُ ـ بَالِغةً ما بلغت ـ في الموضعين جَمِيعاً، أَوْ لا يُجَاوَزُ بالقيمة شاةٌ في المَوْضِعَين. وحُجتُنا في ذلك: أَنَّ فيما لا يُؤكل لحمه وجوبَ الجزاءِ باعتبارِ معنى الصَّيْدِيَّةِ فقط، لا باعتبار عَيْنِهِ فإِنَّه غَيْرُ مَأْكولٍ، وباعتبار معنى الصيديةِ يكونُ مُرْتَكِباً محظورَ إِحرامه، فلا يلزمه أَكْثر من شاة كسائر محظورات الإِحرام.

وأَمَّا في مأْكولِ اللَّحم فوجوبُ الجزاءِ باعتبارِ عينه، لأَنه (مُفْسِدٌ) (٢) لِلَحْمهِ بَفْعَله فتجب قيمتُه بالِغَةً ما بَلَغَتْ، وكذلك في حقوق العباد، ووجوبُ الضَّمَانِ ليس باعتبارِ الملكِ بل العينُ، فَيُقَدَّرُ (بِقَدْر) (٣) قيمة العين، ثُم زيادة القيمة في الفهد والنَّمِر والأَسد لِمَعْنَى تفاخر الملوك بها، لا لِمَعْنىً في الصَّيْدِية، وذلك غيرُ مُعْتَبَرٍ في (حق) (٤)


(١) وفي المطبوع: الحملة، وهو خطأ، صوابه ما أثبتناه من المخطوط و"فتح القدير" ٣/ ٢٢.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>