للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَهُ ذَبْحُ الحيوانِ الأَهْلِي، وأَكْلُ ما صَادَه حَلَالٌ وذَبَحَهُ بِلا دَلَالَةِ مُحْرِمٍ وأَمْرِهِ.

===

المُحْرم، فلهذا لا يلزمه أَكْثر من شاةٍ إِنْ كان مُفْرداً بالحج أَوْ العُمرةِ، وإِنْ كان قَارِناً لا يجاوز ما وجب عليه شاتين.

(ولَهُ ذَبْحُ الحيوانِ الأَهْلِي) إِجماعاً، وهو الشاة، والبقرة، والبعير، والدجاجة، والبط، والأَوز الذي يكون في المَسَاكِن والحِياضِ ولا يطير، لأَن ذلك ليس بصيدٍ لِعَدَمِ التَّوَحُّش. والحَمَام صَيْدٌ ولو كان مُستأْنساً أَوْ مُسَرْوَلاً (١) ، لأَنه متوحشٌ بأَصل الخِلْقَة، والاستئناس عَارض، فلم يُعتبر، كالبعيرِ إِذْ نَدَّ لا يأْخذُ حُكْمَ الصيدِ في حَقِّ الحُرْمةِ على المُحْرِم. ويجب الجزاءُ بِقَتْل خِنْزِيرٍ، وقِرْدٍ، وفيلٍ. ونفاه زُفَرُ، لأَنها مِمَّا يُمْسَك في البيوت فهي مُسْتَأْنِسة، فكانت في حُكْم الأَهْلي. ولنا أَنها مُستوحِشَةٌ بِطَبْعِها، مُمْتَنِعَةٌ بقوائمها وأَنْيابِها حسب طاقتها، فكانت صَيْداً فَتَنَاوَلتها الآيةُ، والاستئناسُ العارِض لا يُصَيِّرُها في حُكْم الأَهلي، كالظبي المستأْنس.

(وأَكْلُ ما صَادَه حَلَالٌ وذَبَحَهُ) ـ بفتح الموحدة، عَطْفٌ على صَادَه ـ أَي وللمُحْرم أَنْ يأْكل ما فعل الحلال فيه مجموع الاصطياد والذبح. سواءٌ صاده لأَجل حَلَالٍ أَوْ لأَجل مُحْرِم، فلو صاده حَلَالٌ فذبح له مُحْرِمٌ أَوْ عَكْسه، فهو مَيْتَةٌ. وهذا الحكم إِذا صادَه حَلَالٌ (بِلا دَلَالَةِ مُحْرِمٍ وأَمْرِهِ) وقال مالك والشافعيُّ: إِذا صادَ حَلَالٌ صيداً لأَجل مُحْرِم، لا يَحِل للمُحْرم أَكْلُه، لما روى أَبو داود، والترمذي، والنَّسائي من حديث جابر بن عبد الله قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «صَيْدُ البَرِّ لكم حَلَال ما لم تَصِيدُوه أَوْ يُصَد لَكُمْ». والخطاب للمُحْرِمين، كذا ذكره الشارح.

وقال ابن الهُمَام: الحديث على ما في «السنن الثلاثة» عن جابر: «لَحْمُ الصَّيْدِ حَلَالٌ (لَكُمْ) (٢) ما لم تَصِيدوه أَوْ يُصَادُ لَكُمْ»، هكذا بالأَلف في «يصاد». قلت: العَطْفُ بحسب المعنى، والتقدير: أَوْ ما لا يصادُ لكم.

ولنا ما رَوَى مُسْلِمٌ من حديث معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان عن أَبيه قال: كُنَّا مع طَلْحَةَ بنِ عبيد الله، ونَحْن حُرُمٌ، فأُهْدِي إِليه طيرٌ، وطَلْحَة رَاقِدٌ، فَمِنَّا مَنْ أَكَل، ومِنَّا مَنْ تَوَرَّع، فَلَمَّا انْتَبَه أُخْبر، فَوَافَقَ مَنْ أَكَلَهُ وقال: أَكَلْناه مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

لكن قَدْ يُقَال: إِنه ليس فيه نَصُّ على أَنَّ الصيدَ كان لأَجْلِ المُحْرِمين، فلا يَتِمُّ


(١) المُسَرْوَل: - من الحمام - هو ما كان في رِجْلَيه ريشٌ. المعجم الوسيط ص: ٤٢٨، مادة (سَرْوَلَ).
(٢) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>