للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الاستدلال. وفي «المُوَطأ» من حديث هِشَام (١) بن عُرْوَةَ، عن أَبيه: أَنَّ الزُّبَيْرَ بن العَوَّام كان يَتَزَوَّدُ صَفِيفَ الظِّبَاءِ (٢) في الإِحْرَام. والصفيف ـ بمعجمتين بينهما مثناة من تحت ـ ما يصف مِنْ اللَّحْمِ على اللَّفْمِ (٣) لينشوي. وهو أَيضاً غَيْرُ تَمامٍ، إِذْ لا دلالةَ فيه على كون الاصطيادِ له وَقَع بَعْدَ إِحْرامه.

قال ابن الهُمَام: وفي «مسند أَبي حنيفةَ»: عن هشام بن عروة (عن أَبيه (٤) عن جَدِّهِ الزُّبَيْرِ بن العوام قال: كُنَّا نَحْمِلُ الصَّيْدَ صَفِيفاً (٥) ، وكُنَّا (٦) نتزوَّدُهُ ونأْكلُه ونَحْنُ مُحْرِمُونَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم واختصره مالك.

وحاصله: نُقِل وقائِعُ أَحوالٍ فيه لا عموم لها، فيجوزُ كونُ ما كانوا يِحْمِلون مِنْ لُحُومِ الصَّيْدِ للتزوّد ومِمَّا لم يُصَد لأَجل المُحْرِمين، بل هو الظاهر، لأَنَّهم يَتَزَوَّدُون مِنْ الحضر ظاهراً، والإِحْرَام بعد الخروج من الميقات، فالأَوْلى بالاستدلال على أَصل المطلوبِ حديثُ أَبي قَتادَةَ على وجه المُعَارضةِ على ما في «الصحيحين»، فإِنَّهم لَمَّا سأَلوه صلى الله عليه وسلم لَمْ يُجِب بحِلِّهِ لهم حتى سَأَلَهم عن موانعِ الحِلِّ، أَكانت موجودةً أَمْ لا؟ فقال صلى الله عليه وسلم «أَمِنْكُم أَحَدٌ أَمَرَه أَنْ يَحْمِلَ عليها أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟» قالوا: لا، قال: «فَكُلوا إِذاً». فلو كانَ مِنَ الموانعِ أَنْ يُصَادَ لهم لَنُظِم في سِلْك ما يُسأَل عنه منها في التفحصِ عن الموانع، فيجب ما يحكم عند خلوه عنها. وهذا المعنى كالصريح في نفي كَوْنِ الاصطياد لهم مانِعاً، فَيُعَارِضُ حديثَ جَابِرٍ ويُقَدَّمُ عليه لِقُوَّةِ ثُبوتِه، إِذْ هو في «الصحيحين» وغيرهما من الكتب الستة بخلاف ذلك. انتهى.

وأَجابَ الطحاوي عن حديث جابر: بأَنَّ معناه: أَوْ يُصَاد لكم بأَمْرِكم، توفيقاً بين الحديثين: فإِنَّ الغالب في عمل الإِنسان لغيره أَنْ يكون بطلبٍ منه، فليكن محمله هذا دَفْعاً للمعارضة، وبأَنَّ اللام للملك

، والمعنى أَنْ يصاد ويجعل له، فيكون تمليك عين الصيد من المُحْرِم وهو مُمْتَنِعٌ أَنْ يَتملكه، فيأْكل مِنْ لَحْمِه.


(١) في المطبوع: ابن هشام، وما أثبتناه من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في موطأ الإمام مالك ١/ ٣٥٠، كتاب الحج (٢٠)، باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد (٢٤)، رقم (٧٧).
(٢) في المطبوع: الصيد، وما أثبتناه من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في موطأ الإمام مالك ١/ ٣٥٠.
(٣) حرِّفت في الأصل إلى: اللحم، والصواب ما أثبتناه لموافقته لما في كتب اللغة. انظر "القاموس المحيط" ص ١٠٧٠، و"لسان العرب" ٩/ ١٩٥.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) صَفَفْتُ اللحم أَصُفُّهُ صَفًّا: إذا تركته في الشمس حتى يجِفَّ. النهاية ٣/ ٣٧.
(٦) في المطبوع: وكذا، وما أثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>