للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا تُقْبَل للقَرِيبِ وصحّ عند ذِميِّين، ولا تُقبل على المسلم. والوكيلُ شَاهِدٌ إنْ حَضَرَ مُوَكِّلُهُ

===

مذهب الكوفيين، وقد ارتكب المصنف ذلك في تصانيفه. قلت: وهو كذلك عند جماعة من البصريين، وهو المذهب المختار عند علماء العربية وعامة القُرّاء كما حُقِّقَ في قوله تعالى: {تَساءَلونَ به وَالأَرْحَامِ} (١) بالخفض على قراءة حمزة. وقيل: التقدير: أو عند ابْنَي أحد العاقدين، بحذف المضاف. وأما جَعْلُ الضَّميرِ راجعًا إلى الابنَيْنِ وإرادةُ أن النكاح يَصِحُّ عند أحد الابنَيْنِ وشاهدٍ آخر، فَتَكَلُّفٌ، بل وتَعَسُّفٌ مخالفٌ لصريح كلام المصنف في «شرح الوقاية».

(ولا تُقْبَل للقَرِيبِ) لأجل التهمة، فإذا عقدا بحضور ابْنَي الزوج، فإِن كان هو المدعي لم تُقْبَل شهادتهما له، وإن كانت الزوجةُ المدعيةَ قُبِلت شهادتهما لها، وإذا عقدا بحضور ابْنَي الزوجة، فإن كانت المُدَّعِيَةَ لم تُقْبَلْ شهادتهما لها، وإن كان المُدَّعِي قُبِلت شهادتهما. وإذا عقدا بحضور ابنيهما الشقيقين لا تُقْبَلُ، سواءٌ كان المدعي هو أو هي. وصح في بعض النسخ: كنكاح مسلم ذِمِّية عند ذِمِّيَّيْنِ.

(وصَحَّ عِنْد ذِمِّيَّيْنِ) كنكاح مسلمٍ ذميةً (ولا تُقْبَلُ) شهادتهما عند الدَّعْوَى (على المسلم) لعدم صحة شهادة الذمي على مسلم، وتُقْبَلُ على الذِّمِّيَّة. وقال محمد وزُفَر: لا يَصِح العقد، لأنه نكاحٌ لا يَصِحُّ إلا بشهود، ولا يصَح بشهادة الكافِرَين كالعقد بين مسلمين، بخلاف أنكحة الكفار، فإنها تنعقد بغير شهود، ولأنها شهادة الكافر على الزوج المسلم بلزوم المهر، وأُجِيب بمنع ذلك، وإنما هي شهادة الكافر على المرأة الكافرة بتمليك المُتْعَة، لأن الشهادة شرط في النكاح لأجل مِلك المُتعة لا لأجل مِلك المال، لأن ملك المال لا يُشترط فيه الشهادة.

(والوكيلُ شَاهِدٌ إنْ حَضَرَ مُوَكِّلُهُ) لأنه أمكنَ جعلُ الموكِّلِ مباشراً للعقد، وكل من أمكن جعله مباشراً لشيء يُجعل مباشراً له حكماً، كالزوج يُجعل واطئاً بالخَلوة الصحيحة، وكالجاهل بالأحكام في دار الإسلام عالماً (٢) ، لتمكُّنه من التعلُّمِ، فإذا وَكَّلَ رجلٌ رجلاً أن يُزَوجه، أو وَكَّلتِ امرأةٌ رجلاً أن يُزَوِّجَها، فعقد الوكيل، بحضرة رجل أو امرأتين، إن كان الموكِّلُ حاضراً صحَّ العقد، لأنه يمكن جعله مباشراً له، فيُجعلُ مباشراً له، ويُجعل الوكيلُ شاهداً، وإن كان الموكِّل غائباً لا يَصِح العقد لعدم صحة جعله مباشراً.


(١) سورة النساء، الآية: (١).
(٢) أي يُجعل عالمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>