للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِنْتُها، مَوْطُوءَة،

===

(وَبِنْتُها) أي بنت زوجته، حال كون زوجته (مَوْطُوءَةً) وهو شرطٌ إجماعاً، سواء كانت البنت في حِجْرِه: بأن كانت مع أمها في بيته، وهو شرط عند عليِّ، وإليه ذهب داود، وحُكِي عن مالك، أو لم تكن في حِجْرِه لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاّتي في حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُم} (١) . والدخول كنايةٌ على الجِمَاع، وذِكرُ الحِجْر خَرَجَ مَخْرَجَ العادة، أو للتشنيع عليهم لا لتعلّق الحكم به نحو: {أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} في قوله تعالى: {لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضْعَافاً مُضَاعَفَةً} (٢) ، ثم في تحريم البنت على الرجل بعد الخلوة الصحيحة بأُمها من غير الوطء اختلافٌ، فقيل: يثبت، وهو قول أبي يوسف، وهو الأظهر، وعليه الأكثر، وقيل: لا يثبت، وهو قول محمد.

ثم اعلم أنّ حُرْمة أم المرأة والربيبة تثبت بنفس العقد في قول عمر، وابن عباس، ورجع إليه ابن مسعود حين ناظره عمر، وبه أخذ أئمتنا، وفي قول عليَ وزيد بن ثابت لا يثبت إلا بالدخول بالبنت، وبه أخذ محمد بن شُجَاع وبِشْر المَرِيسي، وهو أحد قولي الشافعي، ويستدلون بقوله تعالى: {وأُمَّهاتُ نِسَائِكُم} الآية (٣) ، إذ الأصل أنّ الشيء إذا عُطِفَ على شيء في حكمٍ، وذُكِر في المعطوف شرطٌ، فذا ينصرف إليهما، (فكذا هنا، ذَكَرَ أُمَّ المرأة ثم عَطَف عليها الربائب، ثم شَرَطَ الدخول، فانصرف إليهما) (٤) .

قال في «المبسوط»: ولكنا نستدل بحديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَزَوَّجَ امرأةً حَرُمَتْ أمُّها، دَخَلَ بها أو لم يَدْخُلْ، وحَرُمَتْ عليه ابنتُها إن دَخَل بها». وكان ابن عباس يقول: أم المرأة مُبْهَمَةٌ فأبْهِموا ما أبهم الله فبَيَّنَ أنّ الشرط المذكور، وهو الدخول، ينصرف إلى الربائب دون الأمهات.

واختلفَ الصحابة في أن الحِجْرَ هل يُنْصَبُ شرطاً لهذه الحرمة أو لا؟ فكان عليٌّ يقول: الحِجْرُ شرطٌ لقوله تعالى: {ورَبَائِبُكُم اللاَّتي فِي حُجُورِكُمْ من نسائِكُم اللاَّتي دَخَلتُم بِهِنَّ}، ولما روي أنه عُرِضَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم رَبِيبةُ بِنتِ أمّ سَلَمَةَ


(١) سورة النساء، الآية: (٢٣).
(٢) سورة آل عمران، الآية: (١٣٠).
(٣) سورة النساء، الآية: (٢٣).
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>