للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنْ نَكَحَهَا لا يَطَأُ واحدةً حتى يُحَرِّمَ الأُخْرَى.

وَصَحَّ نِكَاحُ الكِتَابِيَّةِ

===

(فإنْ نَكَحَهَا) أي عقد عليها (لا يَطَأُ واحدةً) من الموطوءة بالمِلك والمعقود عليها (حتى يُحَرِّمَ الأُخْرَى)، أما المَنكوحةُ فبطلاقها وانقضاء عدتها، وأما المملوكةُ فبعتقِها أو بعتق بعضها، أو بتمليك جميعها أو بعضها، أو بتزويجها، أو بكتابتها، لأنه إن وَطِاء المعقود عليها من غير تحريم المملوكة، كان جامعاً بين الموطوءتين حقيقةً، وإن وَطاء المملوكة من غير تحريم المعقود عليها، كان جامعاً بين موطوءة حقيقة وبين موطوءة حكماً، (وهي المعقود عليها) (١) .

(وَصَحَّ نِكَاحُ الكِتَابِيَّةِ) ولو كانت أَمَةً، وفي الأَمَةِ خلافٌ سيأتي. والكِتَابِية: كافرةٌ تعتقد كتاباً سماوياً كصُحُفِ إبراهيم أو غيرها، وإنما صح نكاحها لقوله تعالى: {وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم} (٢) عطف على الطيبات في قوله تعالى: {اليومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (٣) .

وفي «المبسوط»: قال محمد بن الحسن: بلغنا عن حُذَيفةَ بن اليَمَان أنه تزوَّج يهوديةً. ولو تَزَوَّج كتابية على مسلمة جاز وقَسَمَ بينهما على السواء.

وكان ابن عمر لا يُجَوِّز نكاح (٤) الكتابية ويقول: هي مُشْرِكة، وقد قال تعالى: {ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} (٥) . وكان يقول: معنى الآية الثانية (٦) : واللاَّتي أَسْلَمْنَ من أهل الكتاب

ولسنا نأخذ بهذا، فإن الله عطف المُشْرِكين على أهل الكتاب، فدلّ أن اسم المُشْرِك لا يتناول الكتابيَّ مطلقاً، ولو حملنا الآية الثانية على ما قال ابن عمر لم يكن لتخصيص الكتابية بالذِّكْر معنًى، فإن غيرَ الكتابية إذا أسلمت يَحِلُّ نِكاحُها.

وقد جاء عن كعب بن مالك أنه تَزَوَّج يهودية، وخطب المُغِيرة بنُ شُعبةَ بنتَ النعمان بن المُنْذِر، وكانت تَنَصَّرَتْ فَأبَتْ وقالت: أيُّ رغبة لشيخ أعورَ في عجوز عمياء؟ ولكنْ أردتَ أن تفتخرَ بنكاحي فتقول: تَزَوَّجتُ بنتَ النعمانِ بنِ المُنْذِر فقال:


(١) سقط من المطبوع.
(٢) سورة المائدة، الآية: (٥).
(٣) سورة المائدة، الآية: (٥).
(٤) في المخطوط: تَزَوُّج.
(٥) سورة البقرة، الآية: (٢٢١).
(٦) أي قوله تعالى: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب}.

<<  <  ج: ص:  >  >>