للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكَذَا وَطْؤُهَا مِلْكاً وَطْأَهَا نِكَاحاً ومِلْكاً لا نِكَاحَهَا،

===

بالفِراش، والمَنْع من الخروج.

قيَّدَ بقوله: أيَّتهما فُرِضَتْ ذَكَراً لم تَحِلّ له الأخرى، لأنه لو فُرِضت إحداهما ذكراً لم تَحِلّ له الأخرى، ولو فُرِضت الأخرى ذكراً حلت له الأخرى، مثل المرأة وبنت زوجها، أو امرأة أبيها، جاز الجمع بينهما. وقال زُفَر، وابن أبي ليلى، والحسن البصري: لا يجوز، لأن الامتناع ثبت من وجهٍ، فالأحوطُ الحرمةُ، وللجمهور قوله تعالى: {وأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُم} (١) وأن عبد الله بن جعفر جمع بين زينب بنتِ عليَ وزوجتِهِ النَّهْشَلِيّة، ولم يُنْكَر عليه. ذكره البخاري تعليقاً، وأسنده ابن أبي شيبة والدَّارَقُطْنِيّ، وكذا ابن عباس جَمَعَ بين امرأةٍ ورجلٍ وبنتِه من غيرها.

ولا يجوز نكاح أخت مُعْتَدَّتِهِ من الطلاق البائن عندنا كالطلاق الرجعي، وحَكَمَ مالكٌ والشافعي بجوازه، لأنه نكاحٌ يرتفع بينهما علائقه، فيجوز له نكاح أختها كما بعد انقضاء العدة.

ولنا: هذه مُعْتَدَّةٌ على الإطلاق، فليس له أن يتزوج بأُختها كالعدة من طلاق رجعي، ومذهبنا قول عليَ، وابنِ مسعود، وابن عباس ذكره سليمان بن يَسَار عنهم، وبه قال سعيد بن المُسَيَّب، وعَبِيدَة السَّلْمَاني، ومجاهد، والثوري والنَّخَعِي، ورُوي مذهبهما عن زيد بن ثابت، إلا أن أبا يوسف ذكر في «الأمالي» رجوعَ زيدٍ عن هذا القول، وذكر الطحاوي قول زيد الأَخير أنه ليس له أن يتزوجها، وحكى أن مروان شاور الصحابة في هذا، فاتفقوا على التفريق (٢) بينهما، وخالفهم زيد، ثم رجع إلى قولهم. وقال عَبِيدة: ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء كاجتماعهم على تحريم نكاح الأخت في عِدَّةِ الأخت، والمحافظة على أربع قبل الظهر.

(وكَذَا وَطْؤُهَا) بالرفع، أي: ويحرم وَطْءُ امرأة (مِلْكاً) أي من جهة المِلك (وَطْأَهَا) بالنصب، أي وَطْأ امرأةٍ أُخرى (نِكَاحاً ومِلْكاً) يتميزان، أي من جهتهما، إذا كانت بحيث لو فُرِضت أيّتهما ذَكَراً لم تَحِلّ له الأُخرى، (لا نِكَاحَهَا) بالنصب عطفاً على وطئها، أي لا يُحَرِّمُ وَطْءُ امرأة مِلكاً العقدَ على امرأة أخرى أيَّتهما فُرِضَت ذكراً لم يَحِلّ له الأخرى، لأن العقد ليس بوطاء، وإنما يصير وطئاً عند ثبوت حكمه، وهو حِلُّ الوَطاء، وحكم الشيء يَعْقُبُه.


(١) سورة النساء، الآية: (٢٤).
(٢) عبارة المخطوط: على أن يفرّق بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>