للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُحَرِّم نِكَاحُ امْرَأةٍ وَعِدَّتُهَا نِكَاحَ امْرَأةٍ أيَّتُهُما فُرِضَتْ ذكراً لم تَحِلَّ لَهُ الأُخْرَى، وَوَطْأَهَا مِلْكًا،

===

(ويُحَرِّم) بكسر الراء المشددة، أي ويمنع منعَ تحريم (نِكَاحُ امْرَأةٍ) أي عقدَ أحدٍ عليها (وَعِدَّتُهَا) من طلاق رَجْعِيَ أو بائن، أو عتقٍ، إذا كانت أمَّ ولد (نِكَاحَ امْرَأةٍ) أي عقدها، وهو مفعول يُحَرِّم، وجملة (أيَّتُهُما فُرِضَتْ ذكراً لم تَحِلَّ لَهُ الأُخْرَى) صفة المرأتين (وَوَطْأَهَا) بالنصب عطف على مفعول يُحَرِّم، أي: ويُحَرِّم نكاحُ امرأة وعدتُها أيضاً وَطْءَ امرأة (مِلْكاً) أي من جهة المِلك، إذا كانتا أيتهما فُرِضت ذَكَراً لم تَحِلَّ له الأخرى، فلا يجوز الجمع بين الأختين كما وقع في النص، وعليه الإجماع.

وأما ما في «الهداية» من قوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فلا يَجْمَعَنَّ مَاءَهُ في رَحِم أُختين». فغير معروف، نعم روى الضحاك بن فيروز الدَّيْلَمِي عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، إني أسْلَمتُ وتحتي أُختان قال: «طَلِّقْ أيَّتَهُما شِئتَ». أخرجه أبو داود، وعند الترمذي: «اخْتَر أيَّتَهُمَا شئتَ»، وقال: هذا حديث حسن، وذكر البيهقي في إسناده عن أبي داود أنه حديث صحيح. وأخرجه ابن حِبّان في «صحيحه».

ولا يُجْمَعُ بين المرأةِ وعَمَّتها، أو خالتها، أو بنت أختها. أو بنت أخيها، وقال عثمان البَتِّي وداود الظاهري: يجوز الجمع بين غير الأختين من المحارم، لقوله تعالى: {وأُحِلَّ لكم ما وراء ذَلِكُم} (١) .

ولنا ما روى مسلم مفرّقاً، وأبو داود والترمذي والنَّسَائي مجموعاً من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تُنْكَحُ المرأةُ على عَمَّتِها، ولا العمّةُ على بنت أخيها، ولا المرأةُ على خالتها، ولا الخالةُ على بنت أُختها، ولا تُنْكَحُ الكُبرَى على الصُّغرَى، ولا الصغرى على الكبرى». كرر النفيَ من الجانبين لتأكيد الحكم، ولدفع تَوَهُّم جوازِ تزوُّجِ العمة على بنت أخيها، والخالة على بنت أُختها، لفضيلة العمة والخالة، كما يجوز تزوج الحرة على الأمة دون العكس.

والمراد بالكبرى: العمة والخالة، وبالصغرى: بنت الأخ وبنت الأخت، والآية مخصوصة من عمومها ببنته وعمته من الرَّضاع، وبالمشركة، فيجوز تخصيصها بخبر الواحد والقياس (٢) ، والمُعْتَدَّة كالمنكوحة، بدليل ثبوت النفقة، والسُّكْنَى، والنَّسَب


(١) سورة النساء، الآية: (٢٤).
(٢) وهذه مسألة أصولية عند الحنفية وهي: أن العام إذا خُصِّص يجوز تخصيصه بعد ذلك بخبر الآحاد والقياس. انظر لمزيد تفصيل هذا المبحث في كتب أصول الحنفية في مبحث العام المخصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>