بشهوةٍ حَرُمَتْ عليه أُمُّها وابْنَتُها» (١) . وعن عمر أنه جَرَّد جاريةً ونظر إليها، ثم استوهبها منه بعض بنيه فقال: إنها لا تَحِلُّ لك. وعن عبد الله بن عمر أنه قال: إذا جامع الرجلُ المرأةَ أو قَبَّلها أو لمسها بشهوة، أو نظر إلى فرجها بشهوة، حَرُمَتْ على أبيه وابنه، وحرمت عليه أُمُّها وابنتها. وعن مسروق أنه قال: بيعوا جاريتي هذه، أما أنِّي لم أُصِبْ منها إلا ما يُحَرِّمها على ولدي من المس والقُبْلَة.
ولأن المس والتقبيل سببٌ يُتَوَصَّل به إلى الوطاء، فإنه من دواعيه ومقدماته، والحرمة تُبنَى على الاحتياط، فيقام سبب الوطاء مقامه.
ولو نظر إلى فرجها من وراء زجاج، أَوْ من وراء ماء بأن كانت في الماء، تثبتُ المصاهرةُ، ولو نَظَرَ فَرْجَها في المرآة لا تثبت، لأنه عَكَسَ فَرْجَها لا حقيقته، ولو نظرت المرأةُ إلى ذَكَر الرجل فهو مثل نظر الرجل إلى فرج المرأة.
وحد الشهوة أن يشتهي بقلبه، ويَتَلَذَّذ به، ويَمِيل أنْ يُوَاقِعَها، ولا يُشترط تَحَرُّكُ الآلة ولا انتشارها، وهو الأصح عند بعضهم، وقيل: يُشْتَرَطَان. وفي «الخلاصة»: وعليه الفتوى. ويعتبر في الشهوة أن تكون عند اللمس والنظر، حتى لو وُجِد بغير شهوة ثم اشتهى بعد الترك، لا تتعلق به الحرمة. ويُشترط أن لا يُنْزِلَ عند اللمس والنظر، حتى لو أنزل لا يثبت حرمة المصاهرة وعليه الفتوى، لأن اللمس والنظر حينئذ ليسا بمُفْضِيَيْنِ إلى الوطاء، وما أثبتنا حرمةَ المصاهرة إلا لإفضائها إلى الوطاء.
(و) حرم (أصْلُهُنَّ) أي أصل مَزْنِيَّتِهِ، وَمَمْسُوسَتِهِ، ومَاسَّتِهِ، ومنظورٍ إلى فرجها.
(وَمَا دَوْنَ تِسْعِ سِنينَ لَيسَتْ بِمُشْتَهَاةٍ) وعليه الفتوى، وأما بنتُ التسع وأكثر، فقد تكون مشتهاةً وقد لا تكون، وهذا يختلف بِعِظَمِ الجُثَّة وصِغَرِها كما في «شرح الوقاية». وفي «شرح الكنز»: بنتُ تسعٍ مشتهاةٌ من غير تفصيل، وبنت خمس وما دونها غير مشتهاة من غير تفصيل، وبنت ستَ وسبعٍ وثمانٍ إن كانت عَبْلَةً ضخمة كانت مشتهاة، وإلا فلا. ولو كَبِرَت المرأة حتى خرجت عن حَدِّ الاشتهاء تُوجِب الحرمةَ، لأنها دخلت تحت حكم الاشتهاء، فلا تخرج بالكِبَرِ، ولا كذلك الصغيرة.
(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ٧/ ١٧٠، بلفظ: "إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة حَرُمَت عليه أمها وابنتها".