للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَمْسُوسَتِهِ وَمَاسَّتِهِ وَمَنْظُورٍ إلى فَرْجِهَا الدَّاخِلِ بِشَهْوةٍ،

===

من الحرام يُحَرِّمُ الحلالَ، كما إذا وقعت قطرةٌ من خمرٍ في ماء (١) ، وكالوطاء بالشبهة، ووطاء الأَمَة المشترَكة، ووطاء الأب جاريةَ الابن، فإن هذا كله حرامٌ حَرَّمَ الحلالَ. هذا لو صح الحديث، لكن حديث ابن عباس مُضَعَّفٌ برواية عثمان ابنعبد الرحمن الوَقَّاصِي، لطعن يحيى بن مَعِين فيه بالكَذِب، ولقول البخاري، والنَّسائي، وأبي داود فيه: ليس بشيء. وذكره عبد الحق عن ابن عمر ثم قال: في إسناده إسحاق ابن أبي فَرْوَة، وهو متروك.

وقد احتج بعض أصحابنا بما روي: «أَنّ رجلاً قال: يا رسول الله إني زَنَيتُ بامرأةٍ في الجاهلية، أفَأَنْكِح ابْنَتَهَا؟ قال: لا أرى ذلك، ولا يَصْلُحُ أنْ تَنْكِحَ امرأةً تَطَّلِعُ من ابْنَتِها على ما تَطَّلِعُ عليه منها» (٢) . وهو مرسل ومنقطع، وفي سنده أبو بكر بن عبد الرحمن بن أم حكيم. وبما رُوي من طريق ابن وَهْبٍ، عن أبي أيوب، عن ابن جُرَيج: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي تَزوَّجَ امرأةً فَيَغْمِز (٣) ولا يزيد على ذلك: «لا يَتَزَوَّج ابْنَتَهَا». وهو مرسل ومنقطع، إلا أن هذا لا يقدح عندنا إذا كانت الرجال ثقات.

ثم كما تثبت حرمةُ المصاهرة بالوطاء، تثبت بالمَسِّ والتقبيل عن شهوة عندنا، سواء كان في الملك أو في غيره، وهذا معنى قوله: (وَ) فرعُ (مَمْسُوسَتِهِ) (وَ) فَرْعُ (مَاسَّتِهِ) سواء كان المس عمداً أو سهواً، أو خطأً أو كَرْهاً، وسواء كان بحائل، ووجد حرارةَ البدن، أو بلا حائل، لأنه استمتاع، فكان كالوطاء. وقال مالك: القُبلة واللَّمس يقومان مقام الوطاء، وخالف الشافعي أيضاً في ذلك حتى لو قَبَّل أَمَتَه ثم أراد أن يتزوج ابنتها يجوز عنده، وكذا لو تزوَّج امرأةً وقَبَّلها بشهوة ثم ماتت، يجوز له أن يتزوج ابنتها عنده.

(وَ) فَرعُ (مَنْظُورٍ إلى فَرْجِهَا الدَّاخِلِ)، ولا يَتَحقَّقُ ذلك إلا إذا كانت

مُتَّكِئَةً (بِشَهْوةٍ) متعلق باللَّمس والنظر على طريق التنازع. وقال الشافعي: لا تثبت الحرمة بالنظر، ومذهب مالك أن النظر للَّذةِ مُحتَمِلٌ لثبوت الحرمة كالقُبلة، ولعدَمِهِ كالتفكُّر.

ولنا ما رواه في «الغاية السَّمْعَانية» عن النبي صلى الله عليه وسلم «مَنْ نَظَرَ إلى فَرْجِ امرأةٍ


(١) أي في ماءٍ قليل، وهو ما دون عشرة أذرع بعشرة أذرع.
(٢) لم نجده بهذا اللفظ ولكن أخرجه عبد الرزاق في مصنفه بلفظ مختلف ٧/ ١٩٧، حديث رقم (١٢٧٦١).
(٣) غَمَزَ: جَسَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>