للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكلُّ هَذِهِ رَضَاعًا.

وَفَرْعُ مَزْنِيَّتِهِ

===

(وكلُّ هَذِهِ رَضَاعاً) أي وَحَرُمَ جميعُ المذكورات إذا كُنَّ من الرَّضاع. وفي «شرح الوقاية»: وهذا يشمل عدة أقسام: كبنت الأخت مثلاً، تشمل البنتَ الرَّضَاعِيَّة للأُخت النَّسَبِيّة، والبنتَ النَّسَبِيّة للأُخت الرَّضَاعية، والبنتَ الرَّضاعِيَّة للأُخت الرَّضَاعِية انتهى.

وأصل ذلك قوله تعالى: {وأُمَّهاتُكُم اللاَّتي أرْضَعْنَكُم وأَخَوَاتُكُم من الرَّضَاعَة} (١) ، وما في «الصحيحين» عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُرِيدَ على ابنة حمزة (٢) فقال: «إنها لا تَحِلُّ لي إنها ابنةُ أخي من الرَّضاعة، وإنه يَحْرُمُ من الرَّضَاعة ما يَحْرُمُ مِنْ النَّسَب».

(وَ) حَرُمَ (فَرْعُ مَزْنِيَّتِهِ) سواء كان الفرع من زناه أو من غيره، فالزنا عندنا يُوجِب حُرمةَ المصاهرة، حتى لو زنى بامرأةٍ حَرُمَت عليه أُمُّها وبنتها، وَحرُمَت الموطوءة على أصوله وفروعه. وعند الشافعي لا يُوجِبها، وعن مالك روايتان، المشهورةُ كمذهبنا. واحتج في «المبسوط» للشافعي بقوله صلى الله عليه وسلم «الحرامُ لا يُحَرِّمُ الحَلَال». كذا رواه ابن عباس. وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِل عمن يبتغي من امرأة فجوراً ثم تزوَّجَ ابنتها؟ فقال: «لا بأس، لا يُحَرِّمُ الحرامُ الحلالَ».

ولنا عموم قوله تعالى: {ولَا تنْكِحُوا ما نَكَحَ آبَاؤُكُم من النِّسَاءِ} (٣) ، وقد بَيَّنَّا أن النكاح للوطاء حقيقةً، فتكون الآية نصاً في تحريم موطوءة الأب على الابن، فالتقييد بكون الوطاء حقيقةً في الحلال زيادةٌ، ولا تَثْبُتُ هذه الزيادة بخبر الواحد ولا بالقياس، والدليل عليه أن موطوءة الأب بالمِلك حَرَامٌ على الابن بهذه الآية، فدلّ على أنّ المراد بالنكاح الوطاءُ لا العقدُ.

وما ذهبنا إليه هو قول عمر، وابن مسعود، وابن عباس، في الأصح، وعمرانَ بن حُصَين، وجابر، وأُبَيَ وعائشة، وجمهورِ التابعين: كالحسن البَصْري، والنَّخَعِي، والأَوْزَاعي، وطاوس، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن المُسَيَّب، وسليمان بن يسار، وحَمّاد، والثَّوْرِي، وإسحاق بن رَاهُويَه. والحديث غيرُ مَجْرِيَ على ظاهره، فإن كثيراً


(١) سورة النساء، الآية: (٢٣).
(٢) أُريد على ابنة حمزة: أي أرادوا له تزوّجه إياها.
(٣) سورة النساء، الآية: (٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>