وَلَا تُوطَأُ حَتَّى تَضَعَ. وَمَنْ ضُمَّتْ إلى مُحَرَّمَةٍ،
===
(وَلَا تُوطَأُ) أي ولا يطؤها الزوجُ (حَتَّى تَضَعَ) كيلا يَسقيَ ماؤه زرعَ غيره (١) ، ولا يلزم من حرمة الواطاء لعارضِ الحَبَل فسادُ النكاح، كما لا يلزم ذلك من حُرمته لعارضِ الحيضِ والنِّفاس. ثم المذكور في «الهداية»: أن حرمة الوطاء لأجل أن يسقي ماؤه زرعَ غيره، ويُفهم منه أن الناكح لو كان هو الزاني يجوز الوطء، وذكر في «الملتقط»: أنه لا يجب النفقة للحُبْلَى من الزِّنى ما لم تضع الحَمْل، لأنه لا يَحِلّ له الاستمتاع بها عند من يُجِيزُ النكاح، سواءٌ كان الحَبَل منه أوْ لا، وإطلاق كلام المتن يُشعر ذلك. ذكره البِرْجَنْدِي. والظاهر أن قوله:«سواءٌ» تعميمٌ لقوله: لا يجب النفقة، لا لقوله: لا يحل له الاستمتاع، فيوافق عبارة «الهداية» الموافِقَة للقياس على ما سبق من الرواية.
وفي «واقعات النَّاطِفِي»: رجل تزوَّج امرأة، فجاءت بسِقْطٍ استبان خَلْقُهُ، إن جاءت به لأقلَّ من أربعة أشهر لم يَجُز النكاح، لأن خَلْقَ الولد إنما يَستَبِينُ في أربعة أشهر، فتعيَّنَ أن الولد من الأول.
ثم ليس الزنا ووطاءُ المولى مانعاً من تزويج الجارية، أما الزنا، فلعدم حُرمة ماءِ الزاني، وأما المولى فلأنها ليست بفِرَاشٍ لمولاها، فإنها لو جاءت بولد لا يَثْبُتُ نسبه بغير دعوة، إلا أنه يُستحب أن يَسْتَبْرِئَها صيانة لمائه، ومَنَعَ زُفَر جواز تزوُّجها حتى تحيض ثلاث حِيَض، بناء على أصله وهو: وجوب العِدَّة للتزوج بعد كل وطاء ولو من زنا. وقال محمد: لا أُحِبُّ أن يطأها قبل الاستبراء، يعني إذا زَوَّجها المولى قبله، لأنه لو تحقق الحَمْلُ يَحْرُم الوطاء، تفادياً عن سقي زَرْعِ غيره، فإذا احتمل وَجَبَ التنزُّهُ احتياطاً، كما لو كان مكانَ النكاح الشراءُ.
(وَ) صَحَّ نكاح (مَنْ ضُمَّتْ) في عقد النكاح (إلى مُحَرَّمَةٍ) بتشديد الراء المفتوحة، بأن ضُمَّت إلى مُحَرَّمَةٍ، أو وَثَنِيَّة، أو ذات زوج، أو مُعْتَدَّةِ الغير، ويَبْطُل نكاح الأُخرى، لأن بُطلان نكاح المُحَرَّمة لا يقتضي بطلانَ نكاح المَضمومة معها في العقد، والفرق بين هذا وبين الجمع بين حُرَ وعبد في البيع، حيث يبطل البيع فيهما، أنّ قبول العقد فيما لا يجوز، شرطٌ في صحة العقد فيما يجوز، وهو شرط فاسد، والبيع يبطل
(١) وقد جاء النهي عن ذلك في الحديث، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحَلُّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءَهُ زَرْعَ غيره". رواه أبو داود ٢/ ٦١٥، كتاب النكاح (١٢)، باب في وطئ السبايا (٤٣، ٤٤)، رقم (٢١٥٧).